الخميس، 19 ديسمبر 2019

نقد بقلمي خوله رمضان لقصيدة الشاعرة المصرية نسرين بدر بعنوان جراح الوطن



          بسم الله الرحمن الرحيم 
   الرّؤية النّقدية المقدّمة من قِبلي خولة رمضان  لقصيدة  ( جراح الوطن   ) عبر برنامج في ظلال النّقد ....
          لقصيدة الأديبة المتألقة الشّاعرة المصرية الراقية : نسرين بدر       

إلى عشاق النقد الأدبي 

نجوم لمعوا في سماء { همسات فوق أوراق الصمت }
واسعدونا براقي حروفهم
وابهرونا بزخات أقلامهم 
فوجب علينا أن نهديهم إهداء شرفيا يليق بهم 
وهو نقد لما أبدعوا من سحر القصيد 
اخترت لكم 
قصيدة  {جراح الوطن ) للشٌاعرة  المتألقة
نسرين  بدر . 
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
لمحة عن حياة الشّاعرة كما كتبت عن نفسها :

أنا نسرين بدر من مصر  تخرجت من كليّة دراسات إسلاميّة متزوّجة عندي ثلاثة أولاد ذكور أحببت الشّعر وكتبته منذ الصّغر لي ثلاثة دواوين اثنان شعر فصيح والثّالث شعر عمودي به مائة قصيدة  على كافة البحور  والدّيوان الرابع في الطريق للانتهاء منه إن شاء الله . تعلمت العروض على يد مدرسين مختصين منذ أربع سنوات أحب من الشّعراء أحمد.شوقي والمتنبي.

وإليكم القصيدة :
جراح الوطن
**********
جـرحُ الـمـآسـي هــزّ أركـانَ الـوتَـرْ
تَشقى كَمَن بالحينِ كانت في خَطَرْ

رجـْعُ الليالي أصـبَحـت تُبـكي الدُنا
تاهــتْ نفـوسـاً تدَّعي خـَوفَ القدرْ

أمسـي يُناديـنـي ليُـنـسـيـنـي غدي
طافتْ مروجٌ مـن ضنىً نَحو البشرْ

إنِّي رأيتُ الجـُرحَ فـي صـدري بكى
ظُلـماً فأنهـاري مَـتـى تَسـقـي الزَهَرْ

حَارَ النُهى فـي غفـوةٍ يَنـسى الردى
لكـنْ تَغـافـى الكـلُّ كـم عـانـى الأثرْ

الروحُ تَهـوى السّلمَ مرسى موطـِني
قـلـبـي يرى زيفـاً سَــلا كـلَّ الحــذرْ

لـولاكَ يـادمــعــي لـمـا دارَ الــرّحـى
قـيـداً ولا تمـحـو الدِمـا مـاءَ المـطرْ

وادي اللـظـى يـدنـو إلـى أعـمــاقـنا
ذاكَ الردى قد جــاءَ مـن ذاكَ الشـررْ

طـــوقٌ ونـارٌ فـي لـيـالٍ قــد هــوتْ
تأتـي لـمــنْ يدنــو لـهـا بيـنَ الحـُفـرْ

نامـي عـيـوني أنتِ ما ذُقـتِ الـهـنـا
دمـعـاً بعـينـي فـي سُـــهادٍ أو سـفـرْ

نُجلي شـمـوساً قــد ترازتْ بالــورى
بالـغـدرِ تـقـسـو مـالنا نَخفـي العِبــرْ

بقلمي نسرين بدر 

الرّؤية البصريّة للقصيدة :
قصيدة من الشّعر العمودي المعنونة بجراح الوطن ، مكونة من أحد عشر بيتا كل بيت من شطرين على وزن واحد وهو وزن بحر الرّجز  بقافية موحدة . وحرف روي الراء الساكنة . 
واختارت الشّاعرة التسكين لحرف الرويّ المكسور إعرابيا في أغلب أبيات القصيدة باستثناء البيت الأخير والذي هو مفتوح إعرابيا . 

القصيدة من الشّعر الرومنسي الوجداني  غلبت عليها العواطف الوطنية .

  دعونا نلقي نظرة على ما يختبئ خلف النص من ظلال وانعكاسات .

الشّكل البصري للنصّ : قصيدة عموديّة على بحر الرّجز تتكوّن من أحد عشر بيتا.عنوانها : جراح الوطن
تتكون من ست تفعيلات في كل بيت .
مستفعلن  مستفعلن مستفعلن
مستفعلن مستفعلن مستفعلن 

يمكن أن نقول أنها قصيدة وجدانية رومانسية إنسانية مع مسحة رمزية من خلال بعض المجازات ... سنتأكّد من 
هذا الأمر بعد التدّرج في تناول أبياتها .
أبدأ من عنوان القصيدة :
جراح الوطن 
هذا العنوان تركيب مكوّن من كلمتين مضاف ومضاف إليه، شبة جملة ، الكلمة الأولى تشير إلى مآسي الوطن وجراحة الدّائمة لأسباب ربما تختبئ بين السّطور وسنلاحظها أثناء تحليل النّص. 
ثم أسند هذا المضاف للوطن فهو مسند إليه 
إشارة خفيّه أنّ الوطن ممزق الأركان كاد أن يتهاوى بسبب سيأتي لاحقا. 
وكلمة جراح جمع جرح إشارة لكثرة السّلبيات والمآسي التي يعيشها أبناء الوطن ومنهم الشّاعرة ، في وطن ممزق بسبب
ألاعيب السياسة .

الصّورة الكليّة للقصيدة : 
---------------------------
نص من الشّعر الوجداني الوطني الإنساني  القومي بلمحة سياسية رمزية  ..
حرصت الشّاعرة فيه على إيصال عواطفها من خلال الكشف عن السلبيات المتعددة التي تراها على الصعيد : النّفسي والمجتمعي الوطني  والفكري  والإنساني .

نبدأ من بداية  القصيدة 

المعاناة الدائمة من المأساة على الصعيد الوطني والمجتمعي حيث سادت آثارها وهزت الرأي العام فقالت :

جـرحُ الـمـآسـي هــزّ أركـانَ الـوتَـرْ
تَشقى كَمَن بالحينِ كانت في خَطَرْ

رجـْعُ الليالي أصـبَحـت تُبـكي الدُنا
تاهــتْ نفـوسـاً تدَّعي خـَوفَ القدرْ

المعاناة النّفسية تتجلّى هنا بالتيه العام 
والخوف الدّائم من الأقدار وما تجيء به في حياتنا من هموم ومفاجآت . 
وصل الأمر بأن الأمس وهو يمثل الزمن الماضي الجميل  يتنكر من  غد الشاعرة . 
فهل قصدت الشاعرة نفسها فقط ؟
بالتأكيد هي تقصد أمّة بأكملها . 
تتضح وطنية الشاعرة ومشاعرها المجتمعية نحو قومها الذين غفوا لينسوا ما يلاقيه 
وطنهم من ردى وموت محقق لمن يعيش على أرضه. 
جعلت الشاعرة الطبيعة تناغي قومها
لتخفّف عنهم كالأم الّتي تنظر لضناها بعين الرّأفة والرّحمة .فقالت :
طافتْ مروجٌ مـن ضنىً نَحو البشرْ

ثم وصفت غفوة  عقلها 
الذي لا يتحمل ما يحدث من ظلم .فقالت :
حَارَ النُهى فـي غفـوةٍ يَنـسى الرّدى
 فهل هي الوحيدة في هذا الأمر ؟ 
 ‏لا بالطبع 
فبعد هذا  جمعت الكلّ في غفوة  جماعيّة لنسيان ما رأوه من قبح ومجازر وامتدّ الجرح لصدر الشّاعرة كرمز وطنيّ ومجتمعي للمعاناة .. 
 ‏شاعرتنا تتكلم بضمير المتكلم الذي عمّ القوم كافّة ،  فلم تعد قادرة على إنقاذ أزهارها كصورة رمزيّة جميلة معبّرة لعجزها كمواطنة عن تغيير مجرى الأحداث المأساوية في وطنها ، فوصفت هذا العجز عن طريق الأسلوب الإنشائي ، ووظّفت الاستفهام  الرّمزي فقالت : فأنهاري متى تسقي الزّهر ؟ إنّها صورة من البيئة التي تحيا فيها ترمز لفقدان السّيطرة على تسارع الأحداث ، تتأمل شاعرتنا بهذا الاستفهام تغييرا سيحدث مستقبلا :
فقالت في هذا المعنى :

إنِّي رأيتُ الجـُرحَ فـي صـدري بكى
ظُلـماً فأنهـاري مَـتـى تَسـقـي الزَهَرْ ؟

حَارَ النُهى فـي غفـوةٍ يَنـسى الرّدى
لكـنْ تَغـافـى الكـلُّ كـم عـانـى الأثرْ

إذن هي تفجّر قضية سياسيّة وقوميّة ومجتمعيّة ، إنها قضيّة فقدان الأمن القوميّ والمجتمعيّ ، ما أقساه من وضع عام ينطبق على شعب بأكمله  ! بل أمة كاملة على مسار خريطتها الجغرافية . فالعقل  بات في حيرة فاختارت الشّاعرة  النّسيان والتّغافل والنّوم المفتعل  فربما  تنسى الموت  الجائر الذي حلّ بأبناء شعبها .
تكرار سيناريو القتل والدمار جعلها تختار غفوة تنسيها الرّدى .
فهل تطول الغفوة ؟ 
وهل هناك صحوة تغيير للواقع المرّ ،؟
هي اختارت غفوة من النّوم .. والغفوة رمز للزمن البسيط الذي لا يطول ، لكن ما بال الجميع يتغافى ؟ فقومها قابلوا الأمر  بالتّجاهل ، وعدم الاهتمام ، ربما حرصا على حياتهم من المساءلة القانونية ، وهذا حال الشعوب المغلوبة على أمرها .
يعتاد البشر على وضع ما ، حتى لو كان فيه الظّلم ونهب للحقوق الوطنيّة . 
وقد يمضي عقد من الزمان قبل أن يحصل تغيير في حال الأمة .

فكم عانى أفراد مجتمعها من آثار التّغافل والسّكوت عن الحقّ وكم سكتوا عن  المطالبة بشرعية العيش في مجتمع نظيف يخلو من العنف والظّلم وغيره من السّلبيات.  

  وتابعت الشّاعرة تأكيدها على مطلب وطنيّ بدءا بروحها التي تهوى السّلم والأمن الذي اعتادت عليه في السابق . لكن الأمر 
  ‏خارج عن إرادتها وسيطرتها فقد لبس قومها لباس الزيف والأمن الكاذب . وهنا إشارة إلى ألاعيب السياسة ودورها في إحداث وضع آمن كاذب ،  فالأحداث تتسارع من تحت الطاولة والمفاوضات تستمر لصالح 
  ‏السّياسة المرسومة عالميا .
  ‏فقالت في هذا المعنى :
  ‏الروحُ تَهـوى السّلمَ مرسى موطـِني
قـلـبـي يرى زيفـاً سَــلا كـلَّ الحــذرْ
  ‏
  ‏
  ‏ ولم يعد بمقدور المواطن إلا الرّضوخ والبكاء فقط تعبيرا عن الألم ، وتستمر عجلة الحياة بالسّير قدما كما الرًحى ، مما يعطي المواطن تذكرة سفر ليكمل حياته في عالم السّلبيات دون أن ينبس بكلمة لكن الدّمع هو المؤشر الوحيد على الرفض النّفسي لما يحدث . 
  ‏فقالت في هذا المعنى : 

  ‏لـولاكَ يـادمــعــي لـمـا دارَ الــرّحـى
قـيـداً ولا تمـحـو الدِمـا مـاءَ المـطرْ

 ما دلالة ماء المطر ؟ 
 ماء المطر يستمر بالنّزول وهو رمز وكناية عن الواقع الذي يضطّر فيه النّاس لدفع عجلة الحياة بعملهم الدّائم وسعيهم لطلب لقمة العيش فينسون في خضمّ الحياة مآسيهم ويتأقلمون  مع واقع بغيض .
 ‏ أمّا الدّماء فهي رمز للعنف والظّلم الذي لا يوقف عجلة الحياة . هذا تشبيه تمثيلي واستعارة تمثيلة  منتزعة من الطبيعة بدلالة
 ‏ المطر .

لمن تنسب الشّاعرة أفعال العنف ؟ 
---------------------------------------
تنسبها لمن يشعل الفتن ، ويثير الطائفيّة .
لكن لم تكشف الشّاعرة هذا الأمر بشكل مباشر بل بشكل خفيّ . 
فاعتبرت الموت الجماعي من أسباب ما تشعله الفتنة من عنف يستشري أثره إلى القلوب الضّعيفة ، ويدخل الأعماق فتُزهق الأرواح .فقالت في هذا المعنى :

وادي اللـظـى يـدنـو إلـى أعـمــاقـنا
ذاكَ الردى قد جــاءَ مـن ذاكَ الشـررْ .

لاحظوا كلمة الشرر واللّظى ، والرّدى 
 تؤكد  الحرب الّتي حصلت . فهي من مفردات الحرب الحقيقية . 


وربما تقصد الشاعرة أيضا الحرب النّفسية والإرهاب النّفسي ، ودليلي على هذا المعنى قولها ،وادي اللّظى يدنو إلى أعماقنا .
 
فهذا الأمر يتعلق بمقدار الظّم والقهر المجتمعي وسلب حقوق المواطن ومحاربته في لقمة عيشه ، كل هذا يؤدٌي لموته بعيدا عن الحرب الحقيقية . إنّها حرب من نوع آخر تسلب لذّة الحياة من النّفس وتؤدي للموت قهرا. 

ولي مأخذ بسيط شاعرتنا على عبارة ( قلبي يرى زيفا سلا كل الحذر ) 
فلم أجد لجملة : (سلا كل الحذر )أي توافق مع معاني المقطع الشعري والفكرة الملازمة للبيت المذكور . 
فقالت في هذا المعنى :
 
الروحُ تَهـوى السّلمَ مرسى موطـِني
قـلـبـي يرى زيفـاً سَــلا كـلَّ الحــذرْ

لـولاكَ يـادمــعــي لـمـا دارَ الــرّحـى
قـيـداً ولا تمـحـو الدِمـا مـاءَ المـطرْ

وادي اللـظـى يـدنـو إلـى أعـمــاقـنا
ذاكَ الردى قد جــاءَ مـن ذاكَ الشـررْ

وهل هناك أقسى من أن تستمر نار الحرب والعنف النّفسي لتلاحق الإنسان حتى تصل إليه أيضا بعد الهلاك والموت ، فربما الحفر   هي القبور.  لهذا تجرّدُ الشّاعرة من نفسها ذاتا  تخاطبها وتدعوها للنوم ونسيان الألم للتّعويض عن لحظات الهناء المفترضة حينما يسود السّلم  والعدل . فقالت في هذا المعنى :

 طـــوقٌ ونـارٌ فـي لـيـالٍ قــد هــوتْ
تأتـي لـمــنْ يدنــو لـهـا بيـنَ الحـُفـرْ

نامـي عـيـوني أنتِ ما ذُقـتِ الـهـنـا
دمـعـاً بعـينـي فـي سُـــهادٍ أو سـفـرْ

ثم ألقت الشّاعرة باللّوم على الجميع فهم شركاء في اختيار رموز الوطن ورؤسائه ، الذين يتولّون زمام الأمور ، والدّليل استخدامها لضمائر المتكلم بقولها نجلي شموسا . 
وكأنها تقول :
نحن من نخلق التّسلط والظّلم برفعنا لأشخاص لا يستحقون التّمجيد ، هذا داء مجتمعي لأنّ النّاس تنعق بالألقاب البرّاقة وترفع أشخاصا هم بالأصل جلّادون لكنّهم مزيّفون . وعلى راي المثل :( يتمسكنون حتى يتمكّنون ) .
تجعلهم الشّاعرة كالشّموس في عطائهم ، ثم بعد الوصول للسّلطة  يكشّرون  عن أنيابهم 
وتظهر منهم صفات الغدر والقسوة  ويستمر السّكوت عليهم  خوفا من العواقب الوخيمة .  فهل يستحقّون حقا التّمجيد حتّى بعد أن تمادوا في استخدام المناصب كوسيلة لنهب الوطن ومحاربة المواطن ؟ وكما قال المثل : على نفسها جنت براقش . فهذه الشموس شموس غدر وخيانة وتسلّط .
فقالت في هذا المعنى :

نُجلي شـمـوساً قــد ترازتْ بالــورى
بالـغـدرِ تـقـسـو مـالنا نَخفـي العِبــرْ


علاقة النص بالمواطن العربي في عصر الربيع العربي :

-------------------------------------
القصيدة وطنيّة  انطلقت من الذّات والنّفس التي تخصّ الكاتبة إلى نفس كل مواطن يعيش  في وطنه الممزّق   .... ثم أفاضت على النّص عاطفة إنسانيّة وقوميّة ... تكتنف جميع النّفوس البشريّة التي تعيش في مجتمعات مزقتها الثورات ... ودليلي من النّص كلمة البشر في قولها :
أمسـي يُناديـنـي ليُـنـسـيـنـي غدي
طافتْ مروجٌ مـن ضنىً نَحو البشر

الشاعرة تتطلع لتغيير الجذور وبناء وطن آمن  بعيدا عن الخوف .. ....
انهمار الأحاسيس والمشاعر الإنسانية 
في النّص   .. شيء رائع  يرد في نفس كل إنسان يحتاج للعيش في ظلّ الأمن المجتمعي .
 تتابع منطقيّ موفّق  في المشاهد من بداية النّص لنهايته ففي البداية وصفت المآسي التي  رافقت ثورات الربيع العربي وتأثيرها القويّ في إيجاد بؤرة ثابتة للنّص . 

البؤرة الثابتة :
------------------
 ‏ألا وهي التأثير النفسي للمآسي في صدر المواطن منطلقا من ذات الشاعرة .
 ‏ظهر المواطن كأرجوحة في مهب الريح 
 ‏يحاول جاهدا التأقلم والجري لتحصيل لقمة العيش . فقالت لولاك يا دمعي لما دار الرّحى .
 ‏فالدموع تتبعها حركة دائمة وجري للوصول إلى التغاضي والراحة المفتعلة بالنوم والنّسيان .وهنا نقطة التٌحول من  البؤرة الثابتة إلى المتحولة .


البؤرة المتحوّلة :
 ‏ -----------------  
هل. وُفقت الشاعرة بالتّعبيرعن ذاتها ؟
استطاعت الكاتبة نسرين بدر  أن تنقلنا 
لحالتها الشعورية من خلال وصفها النّفسي  .. بكاء ودموع ودماء مما اضطّر المواطن لأخذ غفوة تخديرية تنسيه صور الموت والسلبيات التي يعيشها.

وهذا النوم له دلالته . فالكاتبة تلقي بظلال 
حالتها الشّعورية على الطبيعة من حولها وهي تحتاج للتنفيس عن دواخلها. 
فجاء هذا عن طريق الإسقاط اللّاشعوري 
على مظاهر الطبيعة في بيئتها وعلى المواطن الذي يشاركها العيش على أرض الوطن . 


الرّمزية في النّص 
----------------------
ما هو وادي اللظى ؟ 
وادي اللظى والمقصود بها الحرب تدنو من أعماقها وتقترب لتجعلها في اضطراب دائم وربما ترمز بهذا التركيب لمن  سقط فكريا وذاتيا بين من تآمر وسقط في حفر المؤامرات العفنة . 
 
صورة فنية تمثيلية فيها تشبيه وتشخيص
فالحرب لا ترحم احدا  وتقترب إلى أعماقنا لتقنص حياتنا ، كل هذا بسبب شرارة حقد مثلتها رصاصة من يد حاقد لتستمر من حولنا حروب عفنة سببها الغدر والخيانة ...
هذه  صورة تترجم حالتها الشخصية التي تمثل كل المواطنين  .
وتتناسب رمزية وادي اللّظى مع رمزية 
 انتزاع الأمن المجتمعي وما ينتج عنه من خوف  بسبب الحروب فقد كشفت عن الأسباب التي أدت لهذا الوضع فالمواطن هو من يوصل الرّموز الوطنية للسلطة ويسكت على كل ما تقوم به .  فلم تجد الشاعرة إلا النوم محاولة لخلق أمن مفتعل  ونسيان ما يحصل .


البلاغة والخيال :
---------------------
وظّفت الشّاعرة خيالها وصورها البيانية لخدمة الأفكار .
ومن هذه الصور  صورة مجنّحة للمآسي فقد شخّصتها ونقلتها من المعنويات للمحسوسات 
نلاحظ كيف أنّ الجرح هزّ أركان الوتر  ، 
والوتر رمز للقوس أو آلة العزف ، وهي أشياء محسوسة ، فالوتر لا يهتز لوحده ، فإن قصدت به القوس فدلالته الثّورة التي تبنّاها الشّعب وإن قصدت به آلة العزف فدلالته ذلك الفن المعبّر عن أوجاع الشّعب.
إنها بصورة أدق تلك الكلمات الأدبية الرّمزية التي يتبناها أصحاب المواهب والتي تعبر عن المآسي ، نجدها قد لُحّنتْ وصدحتْ بها حناجرهم مرافقة بآلات العزف . فقالت في هذا المعنى  :

جـرحُ الـمـآسـي هــزّ أركـانَ الـوتَـرْ
تَشقى كَمَن بالحينِ كانت في خَطَرْ

هذه الصورة واحدة من مجموعة صور شهدها النّص .

ولا أريد الإطالة حتى لا يملّ القارئ فقد استعرضتُ جملةً من الصّور البلاغية في المقدّمة. 

أدب ما بعد الربيع العربيّ :
--------------------------
هذا هو الأدب الحديث والذي رافق الثورات العربيّة وما بعدها  ونتج عن مخاض الحروب المفتعلة ،والطّائفيات البغيضة ،وتدخل الغرب في الشؤون الدّاخلية للأمة العربية وغيرها من العوامل . 
 ولا شك أنّ  المتغيرات  أو الانقلابات أو الكوارث يتبعها تغيّر في الفكر الأدبي، وربما احتدام حتى في علاقة الأديب مع المتغيرات التي حدثت. ويمكن تحديد بداية هذا الفكر الأدبي من بعد  الأحدث المعاصرة  للأمة العربية من متغيرات بدأت في العراق بعد عام ٢٠٠٣م وما حدث بعدها مما سميّ بالربيع العربي ، الذي اشتعلت ناره بداية الأمر في تونس العرب.

ألف شكر أديبتنا الرّاقية نسرين بدر على هذا النّص الذي يعكس الوضع الحالي للشعوب العربية والوضع النّفسي للمواطن العربي في عصر الثّورات المعاصرة . كنت مثالا راقيا  للأديبة التي تحرص على نقل صورة فكرية وشعورية صادقة يصعب التّعبير عنها بدقة وخاصة أنها مرحلة انتقالية بين جيلين شهدا 
متغيرات صعبة .
وأودّ أن أشير إلى أن منشوري هذا رؤية لما وراء النقد  .لهذا اسميت حلقاتي في ظلال النّقد .

ألف شكر أديبتنا الرّاقية همسة عتاب وأديبنا الفذ الرّاقي أشرف سعد لهذا التّوجيه من قِبلكم  .. كان معكم :  خولة رمضان 
ضمن فعاليات وبرامج مجلة همسات فوق اوراق الصّمت . ألف شكر اديبتنا الرّاقية همسة عتاب على هذا التّصميم للبرنامج .
  ألف شكر لكل المتابعين والمتفاعلين .




كان معكم خوله رمضان .. تحياتي وقوافل الشّكر والامتنان . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق