الجمعة، 29 مايو 2020

زيف بقلم المبدع ‏Kamal ‎Yousef

(زيف)

أتدري؟ فما عادَ يُغـري صَفاك
وما عدْتُ  أدنـو إلى مستواك

لأنّـي عَميـتُ عـنِ  الخائنيـن
وصدَّقتُ زيفـًا طغى واحتواك

فما عدْتُ أهوى قريضَ الحروف
مِنَ المبغضيـنَ ومنْ ذا وذاك

فقدْ تحظى بالحبِّ منْ غافلين
ولكنَّ  يومَ  الرَّدى   منتهــاك

فلا تكُ ممَّنْ يرومُ الوِصــال
فمـا الوصـلُ إلّا  بربٍّ هَـداك

تَـزيّـنْ  بخُلْـقٍ  ولا  تعتـدي*
فمنْ يفتـرِ الشَّرَّ يلـقَ الهلاك

ومهما تَـزَيَّنتَ حُـلوَ الكـلام
غدا سوفَ يهوي قناعُ الملاك

ارتجال ـ كمال يوسف.

السبت، 23 مايو 2020

قصة خط بارليف بقلمي خوله رمضان

بحمد الله ورعايته فازت قصتي بالمركز الأول في مجلة روائع الفكر الإبداعية وهي تروي حكاية أحد أبطال حرب أكتوبر الشهيد محمد زرد ....
قصة حقيقية 
ألف شكر  مجلة روائع الفكر بإدارة 
الشاعر عاطف عبد الله .الى مزيد من التقدم والعطاء...

خط بارليف

خاص بمسابقة روائع الفكر
قصة قصيرة 
قصة  أحد ابطال حرب اكتوبر  محمد زرد

قصة قصيرة 
بعنوان : فوهة الحصن 
   لا يغفو رغم قواه الخارقة  النادرة فمنذ صغره نشأ في أحضان والده الذي اهتم بتدريبه في نادي رياضي ... رجل يتحدى المستحيل ، يقف على أبواب حلمه بيقظة تامه ...يعاف النوم وهو يفكرفي حدث هام لا بدّ أن يطوي حياته .. 
يتخيل نفسه  وقد حطم أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر وفق أقوال الطغاة ...وما أن تخرّج من الكلية الحربية  حتى أصبح قائدا لفرقة اللواء الحربية  المصرية .. فاكتمل حلم حياته بإتاحة الفرصة له ليكون في قافلة   الفداء  والتحرير .....
 يجلس في ثكنته العسكرية متأملا ما مضى من عمره الفائت .. ويغفو على قصص البطولة التي رواها له والده الخمسيني 
تتعلق عيناه بمشهد والده وهو يقوده
بيده إلى المسجد لتأدية الصلاة في وقتها....
يغفو ليجد نفسه في أحضان أمه الرؤوم 
تسبغ عليه من حنانها أنهارا ...يتعلّق قلبه 
ببوح فريد تتمتم به شفتاها حبا وعطفا ..
    نام وهو يدوّن رسالة شوق للقاءقريب مع والديه وأسرته... ثم تغفو عيناه قليلا ويرجع لمتابعة تدوين الرسالة وما أن غطّ في نومه. حتى جاءه الطارق ليخبره بأهمية حضوره لاجتماع طارئ مع رئيس القوات الحربية المصرية ..
لم ينس كلام معلمه في المرحلة الثانوية 
وهو يقول له : إنك درّة ثمينة يا ولدي 
فابحث عن الدّرة في نفسك ...ابحث عمّا 
يجعلك في مصافّ الخالدين .

      وجد نفسه يبحث عن تلك الدرّة في أعماقه فتبدو لعينيه ساحرة مبهرة يتشوق  لرؤيتها حقيقة ويطمح لتفعيلها .
انتظر قطار الشوق الذي يحمله إلى منتهى 
أمنياته وعذوبة توقعاته ...
   تمت ترقيته عدة مرات بسرعة فائقة حتى أصبح بفضل شجاعته قائدا لفرقة باسلة في تاريخ حرب أكتوبر .. 
     لن تهزم أحلامه فهو يطمح بالمزيد. ...قفز قطار عمره بسرعة وهو يخوض التجربة في القوات الحربية الخاصة .
قال له صديق طفولته وصباه وشبابه :
أراك تتمتع  بحيوية وشجاعة منقطعة النظير  فنحن غدا على موعد مع النصر بإذن الله .

  بعد منتصف اللّيل استعد الجيش المصري والسوري بالتزامن معا للهجوم المباشر في جبهتين متساويتين .. وكان هدف القوات المصرية تحطيم  أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر كما أشاعت المخابرات الإسرائيلية  كنوع من الحرب النفسية ..  استعدت فرقته في اليوم التالي. لتنفيذ ما اتفق علية مع الرئيس ...
الرئيس : غدا ستكون  ليلة الاحتفال بعيد الغفران في تل أبيب ....
محمد زرد : أفهمك سيدي نحن على استعداد 
لقلب الأرض وهم مخمورون بعد سهرهم 
للاحتفال بعيدهم ...
الرئيس :  فهمتني بسرعة القائد محمد زرد 
سننفذ خطتنا قبل صحوتهم ...
خرج محمد زرد وقد اشتعل حماسا وثورة 
واستجاب  له أفراد فرقته الحربية وبدأت فرقة محمد زرد تمشط الموقع  بنسف الأرض بالمتفجرات وتساندها الطائرات الحربية
  بإلقاء الصوريخ التي تفجر الأرض وتصدّعها  فتنهار الشبكة الفولاذية من تحت الأرض وتتراكم البقايا يمينا ويسارا .. 
ويتوافد الأبطال  لرفع الرايات على الأماكن المحررة , ترتفع الأعلام المصرية على كل ثكنة محررة......
   تفاجأ العدو الصهيوني بهذا الهجوم فقد كان غير مستعد....وكان منشغلا بالسكر وإقامة التعاويذ الكاذبة ... ثم غفا مخمورا وفاقدا للوعي ..
كان قادة الجيش الإسرائيلي في تلك المرحلة  الحاسمة  مطمئنين مرتاحي البال وقد أيقنوا من تحصين خط بارليف بالشبكات الفولاذية والجسور الحديدية  ..
  وبعد هذه الأهداف التي حققها الجيش المصري وبأسرع مما يتخيل العقل البشري
بقي هناك نقطة واحدة من خط بارليف لم تستجب للتفجيرات وقد استعصت على القوات المصرية  ...
 وارتفعت الأعلام على كل المناطق المحررة إلا هذا المكان الذي أعلن الجموح والعصيان وتنكر لكل المحاولات ... ولم تنفع كل الجهود .
  وفجأة وقف البطل محمد زرد متحديا هذه 
  النقطة المحصنة وتذكر كلام أستاذه حينما 
  قال له أنت درة نفيسة يا ولدي.... .. وبدأ بالبحث عن الدرة النفيسة في ذاته..أيقظ في ضميره نوارع الخير لوطنه .. وفتح بابا من نوازع الشر للعدو الغاصب .  

    وبدأ يصارع ذاته ويستخرج مقومات البطولة من أعماقه ... يتحدى العجز والفتور  ويؤكد لنفسه أن ليس هناك شيئا مستحيلا ... 
    كانت  النقطة التي استعصت على الجيش المصري محصنة بطريقة فريدة وقوية ويبدو أنها كانت مخصصة لقيادات إسرائيلية معينة .. عانت المجموعات الحربية المصرية المرار واليأس وهي تكرر الهجوم والقصف بلا فائدة تذكر ...
  .. كان لهذه النقطة فثحة ضيقة للتهوية 
  ولها باب صغير تعلوه فوهة أيضا  
  وكان يقلق المجموعة المكلفة بالتعامل مع هذا الحصن قوة الشبكة الفولاذية  التي تدعم هذا الحصن من الداخل ...
وبعد هذا التّحدي لذاته قرر محمد زرد أن يكون الأقوى من بين الجميع ... خاطب الجنود  قائلا :
ارتقبوني على الجانب الآخر من الحصن  
وقفز بما يتحزّم به  من قنابل إلى فتحة التهوبة التي تعلو الحصن .

تابع ==========

ويبدو أنّ  الجيش الإسرائيلي قد فاق من غفلته وتيقظ لما يحصل وهو مستنكر  ومندهش .. .بدأ بالتفاعل مع الحدث  لكن بعد فوات الأوان  .
 فأمطر القوات المصرية بالقذائف وشتى الوسائل المتاحة  ... ولكنه لم يتمكن من الوصول لمحمد زرد .. فقد كان أسرع من  ء البرق  ودلف بجسمه إلى فتحة 
التهوية وفجر الحصن من الداخل بما يحمل من قنابل .

وما هى إلا ثوان معدوده وإذا بباب الحصن يفتح من الداخل ويخرج منه البطل محمد زرد  ورغم الدماءوالتمزق الذي حصل بيده اليمنى إلا أنه ضغط بيده  اليسرى  على باب الحصن لاستكمال فتحه ... ...
كان هذا آخر عمل قام به ... هذا البطل 
الملهم الذي جاء على موعد مع هذا العمل البطولي ّ العسكري ... 
   كتبت الصحف المصرية والعالمية كيف 
تم تطهير آخر حصون خط بارليف .. ونال 
محمد زرد شرف الشهادة ,وشرف تطهير آخر نقطة من  خط بارليف حينما استحضر الدّرر النفيسة التي كانت في اعماقه .....
رفعه أصحابه على الأكتاف مكبرين وأوصلوه إلى العلم ليلمسه بيده اليسرى .
عمل محمد على استنطاق الشجاعة وحب الاستشهاد في سبيل الله ..
  وكتبت الصحف المصرية تنعاه وتنشر آخر رسالة كتبها لوالديه في ليلةاستشهاده...بكت عيون الأمهات في مصر في ذات اللحظة  التي صدرت فيها الصحيفة الصباحية ...
وكانت والدته تتابع الخبر بفخر كبير منقطع النظير ، وتزغرد تلك الزغرودة التي تزلزل كيان الغاصب ، ويعلو صوت والده وزوجته وأولاده  وهم يقرؤون رسالته التي دونها في ليلة التحرير والتطهير  كأجمل نص وطني يدرّس في مناهج الدّراسة المتوسطة …
وقف ابنه زياد يقرأ نص الرسالة التي سُجّلت 
في المناهج بكل فخر ويقول لزملائه :  هذه رسالة أبي الشهيد محمد زرد ..  
عاهدوني أن نكون مثله ... فيرددون معا وبصوت واحد : كلنا محمد زرد ...
قصة قصيرة / بقلمي خولة رمضان

نقد بقلمي خوله رمضان للأديبة ‏Najat ‎نجاة ‏عيوشAyoush ‎

بسم الله الرحمن الرحيم 
   الرؤية النقدية المقدم من قبلي خولةرمضان لخاطرة   (من خلف النافذة    ) عبر برنامج قصيدة وتأملات ناقد ....
          للأديبة المتألقة نجاة عيوش
    الراقية  : Najat Ayouch      

إلى عشاق النقد الأدبي 

نجوم لمعوا في سماء { همسات فوق أوراق الصمت }
واسعدونا براقي حروفهم
وابهرونا بزخات أقلامهم 
فوجب علينا أن نهديهم إهداء شرفي يليق بهم 
وهو نقد لما أبدعوا من سحر القصيد 
اخترنا لكم هذا الأسبوع 
قصيدة  { من خلف النافذة ) للأديبة المتألقة 
Najat Ayoush
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
         تحية إكبار وإجلال 
من منبر  مجلة همسات فوق أوراق الصمت
مجلة الأدب والفكر والثقافة أحييكم أجمل 
تحية وأضع بين أيديكم هذه الرؤية النقدية
الموجهة من قبلي خولة رمضان  لأديبتنا الراقية Najat Ayoush   عن خاطرتها النثرية من خلف النافذة  :  
            إليكم الخاطرة  
          
نغمة شوق.. والمطر..
من خلف النافذة...
سماء كئيبة حزينة كقلب مكسور ..كواه الفراق
تبكي عيونها ...وترشح شوقا...
من خلف النافذة ..
صوت حبات المطر تطرق على الزجاج توقظ الروح.
كصوت هاتف يهتف في اذنك اشتقت اليك طال السفر..
من خلف  النافذة ...
كل حبة مطر تلامس الأرض .. تاخذني إليك...إلى لمسة يديك..إلى دفء الحنين في عينيك..
من خلف النافذة ...
 تعانق الأرض حبات المطر كشغف لقائي بروحك هناك..
من خلف النافذة..
ألف حكاية شوق ...تنتظر ان تُطرب بعزف اللقاء .تماما كما تُطرب الأرض بحبات المطر ..
 من خلف النافذة ...
أنظر في وجوه الناس فأراك كل البشر...
 من خلف النافذة.... احبك رسمتها على أنفاس شوقي  .. ..أعشقك والمطر...
                      بقلمي نجاة عيوش...

نبدأ بلمحة عن حياة الأديبة :

نجاة عيوش .من لبنان الشقيق
العمر 45 سنة.
متزوجة .وأم لثلاثة أولاد
اختصاص فلسفة..عملت في مجال التعليم .مدرسة ثانوي فرع الفلسفة..
وعينت مديرة لمدة 10 سنوات...
عملت في مجال الإرشاد الصحي الاجتماعي.
حائزة على،شهادة بإدارة الأعمال والتسويق..
تعشق الكتابة والورود والشروق.
أبرز هواياتها...الكتابة ...تصميم وتنفيذ الأزياء...الرسم ...وغيرها.

أبدأ من عنوان النص كمدخل للنص النثري :
من خلف النافذة 
عنوان من ثلاث كلمات 
يبدأ بشبه جملة من الجار والمجرور
 (من خلف) مضافا إليها كلمة النافذة
 الأصل في تركيب هذه الجملة أنها 
 كالتالي:
 من خلف النافذة أمطار
 أو من خلف النافذة ذكريات 
 أو من خلف النافذة ينهمر المطر ....إلخ
 وبالتالي هناك تقديم وتأخير وقد  تكون جملة اسمية أو فعلية .. 
 لو ارجعنا الجملة لأصلها لقلنا :
جمل اسمية تامة المعنى على سبيل المثال :
-أمطار خلف النافذة 
-إيحاءات خلف النافذة 
او جمل فعلية عل سبيل المثال :
-تنهمر الأمطار خلف النافذة 
-أراك خلف النافذة 
إذن هناك جزء محذوف في الجملة لا بد من الكشف عنه.
 ما فائدة الحذف ؟
 الحذف يفيد التشويق للقارئ ويوحي بأن المعاني غامضة ، ولا بد من متابعة النص 
 للكشف عما يريده الكاتب .. 
 وسنأتي على المعانى التي أرادتها الكاتبة 
 من خلال التدرج في عرض الأفكار. 
إذن هناك فائدة من الحذف وهو خلق جو من التشويق والتفاعل مع النص... 
العنوان بحد ذاته قصة واختزال للأحداث 
التي تريدها الكاتبة .. 
هل وُفقت الكاتبة في هذا العنوان ؟
بالرجوع إلى مائدة النص وعرض الأحداث والمشاعر نجد توافقا بينهما ..
فهناك عنصر محذوف. في العنوان تفسيره :
ما ورد في النص النثري من أفكار .
فماذا تشاهد الكاتبة من خلف النافذة ؟
تشاهد كل ما له علاقة بمشاعرها في تلك الحالة الشعورية التي تعيشها .
تعيش لحظات افتقاد وشوق ... 
افتقاد للحبيب الغائب وشوق للقاء طال افتقاده ... 
وسنأتي على هذه الأفكار بالتفصيل .

الفكرة  الكلية :

النص خاطرة نثرية رومانسية وجدانبة إنسانية تتناوبها قافية منسجمة بين سطر وسطر مما جعلها خاطرة قريبة جدا من القلب يتعلق بها القارئ  ..
ويسعى كل قارئ لتلك السطور لإتمامها 
والتفاعل معها .
ما القوافي التي وردت وتناوبت عليها الأسطر النثرية ؟
السفر ...المطر ... البشر ( قافية الراء )
يديك , عينيك (قافية الكاف )
إذن هناك نغمة موسيقية  تأتلف في  النص وتجعله قريبا من النص الشعري بسبب تنوع القوافي وتتابعها وانسجامها .
 
النص إنساني انطلق من الذات والنفس التي تخص الكاتبة الى نفس كل قارئ لتلك السطور  .... عاطفة إنسانية ... تكتنف جميع 
النفوس البشرية نظرا للعاطفة الوجدانية التي يشترك بها بني الإنسان ...
التطلع للقاء بعد الفراق .. الشوق للغيّاب....
انهمار الأحاسيس والمشاعر الإنسانية 
في لحظات انهمار المطر .. شيء رائع  يرد في نفس كل إنسان سويّ  وتنبع 
تلك المشاعر من الداخل بتتابع جميل وفقا لدرجة توافق المواقف الشعورية  مع حالة الشخص ودرجة إحساسه ورومانسيته وتدفق وجدانياته ...
هل. وفقت الشاعرة بالتعبيرعن ذاتها ؟
استطاعت الكاتبة نجاة عيوش أن تنقلنا 
لحالتها الشعورية من خلال تفاعلها مع حبات 
المطر خلف النافذة .. 
فالسماء حينما أرسلت المطر هي تبكي في نظر الكاتبة .
وهذا البكاء له دلالته . فالكاتبة تلقي بظلال 
حالتها الشعورية على الطبيعة . 
شبهت الكاتبة السماء الكئيبة بالقلب المكسور 
الذي كواه الفراق ... 
اذن السماء تنفّس عن حزنها واكتآبها بالبكاء
فكيف جاء هذا التنفيس؟ 
جاء تنفيس السماء عن حزنها بانهمار المطر
والشاعرة تراقب هذا الأنهمار وتستلهم منه 
حالتها وشعورها الوجداني. 
صورة فنية تمثيلية فيها تشبيه وتشخيص
فالسماء لها عيون كما الإنسان وتبكي لتنفس عن حزنها ...
هي صورة تترجم حالة الشخصية التي تقصدها اديبتنا  على ما اظن تقصد نفسها 
لأنها تكلمت بضمير ياء المتكلم مثل :
 تأخذني ولقائي .
 وتاء الفاعل مثل اشتقت .

فقالت في هذا المعنى :
 "من خلف النافذة...
سماء كئيبة حزينة كقلب مكسور..كواه الفراق
تبكي عيونها ...وترشح شوقا..."

إضاءة على نص من خلف النافذة 

هل الحديث عن المطر وربطه بالحالة الشعورية شيء جديد في
الشعر الجاهلي والأدب  المعاصر ؟

المطر مظهر من مظاهر الكون الواسع وهو صورة لرحمة الله تعالى بخلقه، وله دور مهم في حياة البشر، فهو يعني الحياة العطاء والخير العميم والخصب .
وورد ذكره في القرآن الكريم . فقال تعالى:
"وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ"

والشعراء في تلك العصور قاموا بتوظيف المطر في أغلب الموضوعات كوصف المرأة وصفات الممدوح وصفات المرثي وصورة المعارك والحيوان.
وقد ورد ذكر المطر بكثرة في القرآن الكريم بلفظ الماء والغيث مصدرا للفوائد الكثيرة، قال الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ."
واستمر الشعراء في ذكر المطر في اغلب مراحل الشعر حتى عصرنا الحديث..
ومن أشهر قصائد المطر الرومانسي في الشعر المعاصر قصيدة الشاعر العراقي بدر شاكر السياب ( أنشودة المطر )
والتي يقول فيها :
عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ 
أوشُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ 
عَيْنَاكِ حِينَ تَبْسُمَانِ تُورِقُ الكُرُومْ 
وَتَرْقُصُ الأَضْوَاءُكَالأَقْمَارِ في نَهَرْ

وإليكم مثالا آخر للشاعرة نازك الملائكة 

على وقع المطر للشّاعرة نازك الملائكة أمطري، لا ترحمي طيفي في عمق الظّلام أمطري، صُبّي عليّ السّيل، يا روح الغمام 
لا تُبالي أن تعيديني على الأرض حطام وأحيليني، إذا شئت، جليداً أو رخام 

والأمثلة على اشعار المطر كثيرة ومتنوعة .
فقط اوردتها هنا من اجل الإشارة الى أن الحديث عن المطر في الأدب العربي ليس 
بجديد ....
لكن الجديد في نثرية الأديبة نجاة هو تلك الصورة المبدعة واللوحة الفنية التي يمكن ان نرسمها لكلمات الشاعرة 
فهي صورة متكاملة ..موحية 
امرأة خلف النافذة ترقب السماء وما ترسله من حبات المطر الى الأرض فترى السماء كقلبها المكسور  ، تصل حبات المطر الى 
الزجاج فيأتي صوتها موقظا للروح .
وتتوارد الخواطر حينها 
وكأن هاتفا يهتف في أذنها انه اشتاق لها. بعد السفر .
فتقول في هذا المعنى :
من خلف النافذة ..
صوت حبات المطر تطرق على الزجاج توقظ الروح.
كصوت هاتف يهتف في اذنك اشتقت اليك طال السفر..
من خلف  النافذة ...
كل حبة مطر تلامس الأرض .. تاخذني إليك...إلى لمسة يديك..إلى دفء الحنين في عينيك.."
وهكذا كان صوت حبات المطر على الزجاج 
كصوت الغائب يعلن عن شوقه بعد الفراق 
فقد أعلنت الكاتبة عن سبب الشوق وهو الغياب بسبب السفر  .
صوت حبات المطر أيقظ روحها وجعلها تستشعر مأساتها بغياب شقيق الروح ....
الآن في هذا الموقف تستشعر الكاتبة لقاءمفترضا بين الأرواح ، وعبرت الأديبة عنه بقولها :توقظ الروح
فهل كانت الكاتبة غافية عن هذه اللقاءات ؟
الغفلة تحدث حينما ينشغل الإنسان في دروب الحياة فياتي موقف يوقف الغفلة ويوقظ المشاعر .
مثل هذا الموقف وهو صوت حبات المطر أيقظ مشاعرها 
واستمرت الكاتبة في استكمال مشاهد اللقاءالروحي ....فحينما تلامس حبات المطر الأرض وتلتقي بها  يستيقظ الحنين في نفس الاديبة وتتخيل ملامسة مماثلة من يديّ الحبيب وتأخذها أيضا الى دفء الحنين في عيني الحبيب الغائب الحاضر في تلك اللحظات .

فهل اكتملت صورة اللقاء المفترض ؟
ما زالت الصورة الشعرية لم تكتمل فهناك شغف للقاء حقيقي لم تصل اليه بعد فقالت في هذا المعنى :
"من خلف النافذة ...
 تعانق الأرض حبات المطر كشغف لقائي بروحك هناك..
من خلف النافذة..
ألف حكاية شوق ...تنتظر ان تُطرب بعزف اللقاء .تماما كما تُطرب الأرض بحبات المطر .."
إذن من وجهة نظري ..الكاتبة ما زالت مستمرة في استلهام موقف اللقاء الذي يطربها ويروي عطشها المستمر للقاء عاصف .. فهناك الف حكاية شوق ...وحكايا الشاعرة في شوقها للقاء مع الحبيب تشبه
حكايا السماء مع الأرض .
فالأرض في شوق مستمر  للقاء مع الماء الذي يروي عطشها عبر فصول الجفاف  وكذلك حكايا الشوق في نفس الشاعرة 
تحتاج إلى لقاء لترتوي طربا بوقع الوصال 
الذي تطلبه من الحبيب .
صورة خيالية رائعة ... رومانسية حالمة 
إنها المراة الشفافة إنها المشاعر الصادقة 
شوق لا حدود له يكتنف روح الشاعرة فتربط كل مشاعرها بالطبيعة وصورة المطر 
بعد الجفاف .
فهل اكتملت الصورة ؟
لا ...فما زالت الأديبة تطرق أبواب الرجاء
وتستلهم المواقف فقالت :
 
من خلف النافذة ...
أنظر في وجوه الناس فأراك كل البشر...
 من خلف النافذة.... احبك رسمتها على أنفاس شوقي  .. ..أعشقك والمطر...

إذن الشاعرة تشتاق لوجه الغائب فتراه
في وجه كل البشر الذين تشاهدهم من خلف نافذتها ..
ووصلت لحد الإعلان عن حبها الذي كتمته 
ثم باحت به الآن .  
فصرحت به بكلمة أحبك وهذا الحب جاء مع أنفاسها حين الشوق .
وسؤالي هو : هل هذا الحب معتدل ؟
لا ، ليس معتدلا إنه حب منتقل الى الدرجة السابعة .. وفق بعض التصنيفات 
عن درجات الحب   ...
فقالت  "أعشقك والمطر"
العشق يأتي بعد المحبة  والحب والمودة والهوى والشغف والصبابة ..... إذن هو مرحلة متقدمة في هذا المجال .
 ما هو العشق بدقة تامة وفق  تفصيلاته ؟ 
 
عشِق الشَّيءَ : هوِيه وتعلّق قلبُه به وأحبَّه حبًّا  شديدًا .
وورد في معجم لسان العرب ما يأتي :
"العِشْقُ فرط الحب وقيل هو عُجْب المحب بالمحبوب يكون في عَفاف الحُبّ ودعارته"
وذكرت الكاتبة ايضا كلمة الشغف 
فما هو الشغف ؟ 

يقال أن كلمة "شغف" أتت من "الشغافة"، والشغافة هي غِلاف القلب. وفي هذه الدرجة الأولية من الحب، يدخل الشخص إلى القلب من خلال الشغافة. قال ابن عباس في ذلك: دخل حُبه تحت شغاف قلبها.
وقد صنّف الشغف في مرحلة خامسة للحب 
وفق بعض التصنيفات .

أعلنت الشخصية التي تتحدث عن ذاتها في الخاطرة النثرية عن عشقها ولكن قرنت العشق مع المطر .
جمعتهما بواو المعية التي تدل على المصاحبة .
إذن كلما جاء المطر هاج العشق وانتشت العواطف بهذا المظهر الطبيعي الذي ظل مصدر إلهام للأدباء والشعراء على مر العصور .
 كيف نصنف عشقها ؟ 
 هل ما لجأت إليه من وصف لمشاعرها 
 يصنف تحت باب الحب العذري؟
 في رأيي الشخصي كناقدة أقول  :نعم 
 حب عذري لأنها تتحدث عن حب غائب 
 بعيد .. تتلمسه عبر محطات وتصورات 
 وجدانية خيالية ... ولم تلجأ لأي صورة  من 
 صور الحب الصريح إلا في كلمة أعشقك وكلمة شغف .

الخيال والعواطف : 
مر معنا سابقا الصور والتشبيهات أثناء 
الخوض في النص وسأكثف الحديث عنها 
في هذا المكان :
لجأت الشاعرة للتشخيص فنسبت للسماء 
صفات الإنسان من اكتئاب وحزن 
وجعلت للسماء عيونا وقلب . فعيونها ترسل الدموع على شكل  مطر . 
وتسكب المطر شوقا فترشحه ببطء .
وهذا التشخيص فيه تشبيه مفرد بقوله :
حزينة كقلب مكسور ... وفيه استعارة مكنية 
بحذف المشبه به وهو الإنسان.

وشبهت طٙرق حبات المطر على النافذة بصوت حقيقيّ يهتف وعبّر عن نفسه بكلمة 
اشتقت  إليك طال السفر .. وهو تشبيه تمثيلي . 
قارنت بين ملامسة حبات المطر للأرض وبين حالتها الشعورية حيث أسهبت في 
الوصول بشغف لملامسة يدي الحبيب
والإحساس بدفء عينيه .
تشخيص حبات المطر وإعطائها الصورة الخيالية بأنها كالإنسان مشتاقة للأرض 
إذن هناك شغف مشترك .
شغف ينطبق على حبات المطر مع الأرض 
وشغف من الشخضية المتحدثة لروح الحبيب.
شبهت حكايات الشوق بالإنسان الذي ينتظرالوصال فهي تشبه هذه الصورة بصورة 
المطر حينما يطرب بالوصال مع الأرض.
رسمت الشاعرة حبها على انفاس شوقها .
فهل للشوق أنفاس ؟
إذن هي صورة بلاغية ايضا تشخيص واستعارة .
شخصت الشوق وصورته بالإنسان الذي
يتصف بالشوق واللهفة . على سبيل الاستعارة المكنية . 
صور واضحة وجميلة وشفافة تعكس عواطف الشخصية وشوقها للغائب وحبها وعشقها وشغفها . 
عواطف إنسانية تصدر عن تجربة ذاتية 
يشترك فيها كل ذي قلب شفاف .
عواطف تجمع السماء بالأرض وتوحد البسط مع المقام في معادلة رومانسية شفافة . 
صور بلاغية تعكس الحزن الذي يرافق الشوق في إيدولوجية النفس البشرية التي 
تعتمد في بقائها واستمرارها على الحب .
ينطبق على هذه الخاطرة وصف الحب العذري بألفاظ رومانسية بسيطة وغير معقدة . 

وأخيرا اود الإشارة ان الأديبة عبرت بصدق عن عواطفها بلا تملق وبلا مجاملة وشعرت أنها ترتجل الكلمات مع ارتجالية عواطفها 
المتأصلة حيث هتفت بها الف مرة فاختمر التعبير في ذاتها ليخرج  بوهج وألق .
وأغلب  الشعراء اهتموا بهذا الشعور الوجداني وخلدوه في أشعارهم من القدم 
وسأختم بكلمات بسيطة للشاعر نزار قباني 
إذ قال :
 بعض ما قال نزار قباني عن العشق:
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق
ترددت كثيرا
فأنا لست بقسيس
ولا مارست تعليم التلاميذ
ولا أؤمن أن الورد
مضطر لأن يشرح للناس العبيرا
ما الذي أكتب يا سيدتي؟
إنها تجربتي وحدي
وتعنيني أنا وحدي
إنها السيف الذي يثقبني وحدي
.فأزداد مع الموت حضورا

تحياتي إليك شاعرتنا الألقة Najat Ayoush على طبق من الورود .. فهذه الخاطرة الوجدانية نهر من العطاء نقلتيه لنا بصورة تعبيرية صافية وجميلة عبر كلمات 
بسيطة بلا عقد بالصور او غموض في الألفاظ والصور .
ألف شكر على هذه الوجبة الدسمة من المشاعر الروحية  التي سكبتيها أمام القارئ إنها صورة حية من الطبيعة ترافقها تعبيراتك الرومانسية ، وعواطفك الإنسانية  ، وظلال تجربتك الشعورية .

هذا الجهد المتواضع الذي قمت به هدية قيمة لك أديبتنا مني ومن مجلة همسات فوق أوراق الصمت.    

ألف شكر أديبتنا الراقية همسة عتاب وأديبنا الفذ أشرف سعد لهذا التوجيه من قبلكم  .. كان معكم : 
خولة رمضان 
ضمن فعاليات وبرامج مجلة همسات فوق اوراق الصمت .
  ألف شكر لكل المتابعين 
الف شكر الرائعة همسة عتاب على التصميم البديع .

عزف القصيد بقلمي خوله رمضان

بوح صورة 
عزف القصيد 
في منتدى عذب القصيد

في ذاك المكان 
عندما ذاب من 
القلب الجليد ... 
وطغى الود ُّّ
في يوم جديد ... 
قلت يا ربي :
هل من مزيد ؟
لقلب تاه عبر الأمنيات 
وذاق الحسرة
وأدمته الجراحات ...
تمكنت منه الهموم 
غطته الغيوم 
تتابعت عليه 
 الحسرات ....
ثم  هلّ طيف الحبيب
في جوّ مٙهيب
عند المغيب  
تلاقت  النظرات
مع رذاذ غيث السّموات
واستمر
إلى وقت السّحر 
وراجع الفؤاد  ما حصل 
وتشابكت اليدان 
فتوقف الزمان .. 
واستمعنا لعزف
 القصيد 
بنظم  فريد ..
وكانت أنفاسنا 
تستجير.. 
عبر الأثير...
فتوقف نزف الوريد
وفاق القلب الشريد ...
تجدد  سحر البيان  
وفجّر من الشوق
الحنان ....  
وهمومي صارت 
 في سبات 
 حتى الممات .. 
 وما زلت انظمه
 القصيد 
 في يومي
  السعيد .... .
بقلمي خوله رمضان

ليتني بقلمي خوله رمضان

بوح صورة بعنوان : ليتني
بقلمي خوله رمضان

بعنوان : ليتني 
ليتني استطيع رتق 
جراحاتي ..
 
وكتابة ما رأته
في الجوى
 أحداقي ...
 
ليتني أصل
 إلى دنياك 
فقد اكتملت في بعدك
 عذاباتي ...

ليتني  
أهاجر كما الطيور 
أختصر في الوصول
 إليك كل
 مسافاتي.. 
 
أعانق الغيوم .. 
أنسى الهموم ....
تجتاحني الأفراح 
منذ الصباح 
حتى مساءاتي ...

 أعانق الضباب
ينتهي زمن  الغياب
فأسعد بالإياب
وأشعلها مناراتي ...

وأعود إليك 
أشتمها النسمات  
أرسمها الكلمات
بألوان طيفك  
في فضاءاتي ....
 
ليتني
ألقيه قصيدي
مرنّما 
يجوبُ الفضاء
يسعد يومي
يجدّد عزمي 
يقيلُ عثراتي ....

بقلمي / خولة رمضان

نقد أدبي بقلمي خوله رمضان للأديبة شيماء الفرة

بسم الله الرحمن الرحيم 
   الرؤية النقدية المقدمة من قبلي
    خولة خوله رمضان
  لقصيدة  ( ألم الأمس    ) عبر برنامج قصيدة وتأملات ناقد ....
          للأديبة المتألقة الأديبة
    الراقية  : شيماءةالفرة 
 Shaymaa El Farra     

إلى عشاق النقد الأدبي 

نجوم لمعوا في سماء { همسات فوق أوراق الصمت }
واسعدونا براقي حروفهم
وابهرونا بزخات أقلامهم 
فوجب علينا أن نهديهم إهداء شرفي يليق بهم ....
وهو نقد لما أبدعوا من سحر القصيد 
اخترنا لكم هذا الأسبوع 
قصيدة  { الم الامس  ) للأديبة المتألقة 
شيماء الفرة 
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
تحية إكبار وإجلال 
من منبر  مجلة همسات فوق أوراق الصمت
مجلة الأدب والفكر والثقافة أحييكم أجمل 
تحية وأضع بين أيديكم هذه الرؤية النقدية
الموجهة من قبلي خولة رمضان  لأديبتنا الراقية شيماء الفرة   عن خاطرتها النثرية   ( ألم الأمس )  :  
            إليكم الخاطرة  
ألم الأمس
نسير بلا قلب بلا روح
تتقاذفنا الأمواج العاتية
يحط العمر رحاله عند ضفاف الألم
وتعاني أجسادنا من السقم
تخلو سماء حياتنا من صفائها
تتلبد بالغيم
وئدت البسمة على ثغر شفاهنا
وغاب من فضائنا الحلم
ولكن يلوح من بعيد الأفق
طيف وبريق أمل
طال انتظاره
لعله ينزع عنا رداء الحزن والشجن
ويكسونا برداء فرح
ويمسح من أعيننا
دموعا سكنت المقل
ويرسم على محيانا
بسمة وان قصر بنا الأجل
د. شيماء الفره

لمحة عن حياة الأديبة د . شيماء الفرة 
شيماء على حسن الفره
الهوايات. الرسم والشعر والأشغال اليدوية والقراءة الحرة...
تهوى كتابة الشعر الرومانسي
إلى جانب الشعر الديني ، الوطني ، المقالات
تهوى ايضا كتابة الشعر باللغة  الإنجليزية  تهوى كتابة الشعر الرومانسي
الى جانب الشعر الديني ، الوطني ، مقالات
تعمل حاليا بمجال التحاليل الطبية .

جو النص :   
    دعونا  نسافر ونرحل معا في رحاب حروفها الراقية  من أجل الغوص في أسرار هذا النص ثم نحلق  في عالم النقد  بكل شفافية وارتقاء لنقد بنّاء  في دوحة الأدب الوارف بالعطاء   ...

الشكل البصري للنص : نص نثري على شكل خاطرة نثر مقفى عنوانها :
ألم الأمس  .....
 نص وجداني إنساني عاطفي رومانسي 
 يحمل أبعادا اجتماعية وفلسفية .

أبدأ من عنوان النص
   
ألم الأمس   كلمة تضم بين حناياها الزمن وهو زمن مقيد  
جزء من مجموعة كبيرة من الكلمات العربية والعالمية التي تتحدث  عما مضى من الزمن .
لقد  تبلور مفهوم الامس  بالنسبة للأديبة مع مفهوم الوقت الذي انقضى وانتهى .... 
فالكاتبة تشير الى وقت سابق وهو الأمس
على سبيل المجاز اللغوي فالأمس جزء من الزمن السابق يسمى في البلاغة  بالمجاز المرسل  علاقته الكلية لأن الأديبة لم تقصد يوما بعينه بل قصدت الزمن السابق كله .

لماذا قرنت الأديبة كلمة الألم مع الأمس ؟
على شكل شبه جملة من المضاف والمضاف إليه...
لا بد من التعمق في أفكار النص لنفهم 
سبب هذا الاقتران..  
نترك العنوان لنبحث في اغوار النص 
عن سبب الالم ..

الأفكار :
ما هو الالم ؟ 
هو انواع  ....  : 
 ألم جسدي وألم معنوي .
فما نوع الألم الذي قصدته الأديبة شيماء الفرة  ؟

نلاحظ من خلال النص أن الكاتبة تكلمت بضمير المتكلم للجماعة فقالت في المقدمة :
نسير بلا قلب بلا روح 
نسير نحن الجماعة 
فكيف يذهب القلب واين يذهب يا ترى ؟ 
وأين تذهب الروح ؟
لكل منا قلب وروح تلازمه .. ولما يذهب القلب وتذهب الروح فهذا يعني ان هناك 
معاناة ...
وقد تكون المعاناة جسدية او معنوية ....
فهل هناك معاناة فردية ؟ أم أنها معاناة 
جماعية ؟ 
لا شك أن الكاتبة تنظر للجميع من منظور 
إنساني وترى الألم يخالط الجميع فقالت : 
يحط العمر على ضفاف الألم ...
وتعاني أجسادنا من الألم ....
عادت لتؤكد الألم بضمير الجماعة ....هي وغيرها من الناس مصابون بالآلام التي 
يتسببها العيش في مجتمع ظالم ربما .. أو لأننا حقيقة نصاب بالأمراض التي يصاحبها 
الألم .... والدليل على الأمراض التي قصدتها اللكاتبة   قولها :
وتعاني أجسادنا من السقم ..
تخلو سماء حياتنا من صفائها تتلبد بالغيم ...
مأساة جماعية تعيشها البشرية منذ خلق الله البشر والمعاناة قائمة ... تنتاب الأمراض البشر والعمر يسير نحو ضفاف الالم ... 
فالإنسان يكبر.. وتحط رحاله رغما عنه 
على عتبة العمر المتردي المصاحب للسقم ...
هل نملك التوقف عن رحلة الحياة ؟ هل نستطيع كف يد القدر ؟ هل نستطيع ان نوقف العمر عند ضفاف الشباب والصحة والعافية بعيدا عن الأسقام ؟ 
لقد تناول هذا الموضوع عدد كبير من الفلاسفة والكتاب .. وتحدثوا عن إكسير الحياة ... وتناولوا موضوع الوصول للخلود 
بلا آلام ... فهل من الممكن ذلك ... هل من الممكن التوقف في عمر الشباب الى الابد ؟ 
لا شك ان هذا الامر مفروغ منه ....
كثيرة هي الكتابات في اكسير الحياة 
ولكن كل الوصفات للتمتع بالشباب الدائم باءت بالفشل  ولم تمنع الألم عن الإنسان سواء الألم الجسدي او المعنوي ... 
محظوظ ذلك الإنسان الذي يعيش العمر بلا 
ألم ... فربما لم يتألم جسديا ..  ولكنه تألم 
معنويا حينما فقد حبيبا ...او حينما خاب أمله  او حينما تكسرت مجاديفه وهو يصارع الحياة   ..
وقد قرأت مقالا لكاتب في النمسا 
ناصر الحايك إذ يقول :
'عش تيسا تعمر طويلا 'في نظري انها دعوة للبلادة من أجل نسيان كل ما في الحياة من أحداث ترهق تفكيرنا وتقودنا للألم ...واول راي له في هذا المجال هو تشفير كافة المحطات الفضائية التي تنقل إلينا صور القتل والدمار على مدار الساعة .
وهو راي  ربما يبدو رشيدا لكن هل باستطاعة الإنسان الانسلاخ عن بيئته ومجتمعه وإنسانيته ... وخاصة المواطن العربي فهو يقبع داخل مسلسل من العنف والتشرد .
أما الفلاسفة فهم يرون ان الفلسفة شباب 
دااائم وتعليلهم لذلك لأن الفلسفة تقود للصحة البدنية والفكرية والنفسية ...
فالمشتغل بالفلسفة لديه سعة في التفكير
تعينه على فهم الاشياء والظواهر .
المهم في كلام اديبتنا شيماء الفرة أن الصفاء يغادر سماءنا لهذا تتلبد السماء بالغيم ..
فقالت في هذا المعنى :
( تخلو سماء حياتنا من صفائها
 تتلبد بالغيم ...)
 وندت النسمة على ثغر شفاهنا .. 
 وغاب من  فضائنا الحلم ...  )
 كاتبتنا تصف واقع نعيشه ولا يمكن تجاوزه 
 وخاصة انها تعيش في مجتمع عربي 
 لو افترضا فيه الأمان فلن يغادره الفقر والمرض وسوء الأحوال المعيشية ...
  يجري الإنسان منذ الصباح حتى المساء نحو لقمة عيشه .... فالغيوم لها دلالتها النفسية من اكتئاب وتكدر وبالتالي غياب الأمن النفسي ..
 وبالتالي غياب مظاهر السرور كالبسمة التي تدل على السرور  .
 حتى الأحلام غادرتنا كي لا نفرح بشيء،
 متوقع ... فقد استخدمت الكاتبة الحلم وغيابه  كدليل نفسي على التشاؤم وفقدااان الأمل .

فهل كانت جادة بتلك النظرة التشاؤمية ؟
الجواب ياتينا بقولها :
( ولكن يلوح من بعيد الأفق 
طيف وبريق أمل 
طال انتظاره ..
لعله ينزع عنا رداء الحزن والشجن 
ويكسونا برداء فرح
ويمسح عن أعيننا دموعا 
سكنت المقل 
ويرسم على محيانا 
بسمة وإن قصر بنا الأجل  .)

انتقلت الكاتبة من عالم التشاؤم فجأة إلى 
عالم الأمل ...
إنه الأمل الذي طال انتظاره من النفوس المعذبة ...
إنه الأمل الذي ينزع رداء الحزن والشجن 
إذن في الغالب الكاتبة تقصد الحزن والألم النفسي والمعنوي ...
هي مسالة رجاء تعتري النفس وتقودها 
نحو استبدال رداء الحزن برداء الفرح .
الله عليك كاتبتنا كيف اتسع فضاؤك وغردت كلماتك مع سرب الفرح ... 
طرحت گل الحزن والالم بثوب التمني والرجاء..

هذا الرجاء الذي سوف يمسح الدموع التي رافقت الحزن .

ايقنت الكاتبة أن الأمل سيعيد البسمة الى الشفاه وإن قصر بنا الأجل ... 
نعم رغم الأمل لكن لا بد من الأجل . 
إلا أني سأعرض ما ورد في الكتاب والسنة من مسالة الأجل ....

ويقول تبارك وتعالى :
( قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ . أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ . يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) نوح/2-4.

قال عليه الصلاة والسلام :

مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) . رواه البخاري (2067) ، ومسلم (2557)
وعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 
( لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ ، وَلاَ يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلاَّ البِرُّ )

إنها بركة العمر التي يبشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وما ورد في الحديث الشريف لا يناقض ابدا ما ورد في الكتاب عن حتمية الأجل .. 
حقيقة إن الأجل له اسبابه المادية التي نعلمها ..
وهذه الأسباب ليس لها علاقة بالعمر فقد يقصر وقد يطول ... 

الموسيقى في النص 
النص من فئة النثر المقفى 
لجأت الكاتبة للموسيقى الخارجية عن طريق 
تتابع حرف الروي الميم في الكلمات التالية :
الألم , السقم ، الحلم 
ثم تتابع حرف الروي اللام في قولها :
أمل ، مقل ، أجل 
كل هذا له اثر في  ان يصبح النص ذا طابع شعري... وهذا ما يجعله نصا أقرب للنثر المقفى ... وليس من اللائق ان نعتبره خاطرة نثرية .لأن الخاطرة النثرية أبعد في مداها عن الشعر.

الخيال : 
جنحت الشاعرة للخيال والصور الشعرية والاستعارات والكنايات والمجازات مثل : 
 - نسير بلا قلب بلا روح 
كناية عن الاستسلام لتقلبات الزمن وحوادثه فنحن حقيقة لا ننفصل عن قلوبنا وارواحنا 
ولكنها صورة مجازية لحالة الخذلان واليأس التي تصيبنا ... 
- لجات الكاتبة للصورة الشعرية التي تشبه فيها صروف الزمان بالأمواج العاتية فقالت :
- تتقاذفنا الأمواج العاتية ...
وهذه الصورة تعكس ضخامة الحدث الذي 
يرافق اليأس وتقلبات الزمان .
 - شبهت العمر بالرحالة الذي يركب البحر 
 - ثم يرسو على الشاطئ ، ولكن بالنسبة لأديبتنا جعلته يرسو على ضفاف الألم 
  نظرا لأنها تتحدث عن الألم المرافق للأحداث التي تعيشها .. إنها استعارة أيضا 
  فقد استعارت للألم ضفافا وشبهته بالشاطئ. 
  - استعارت للحياة سماء وجعلتها تتلبد بالغيوم نظرا لحالة الاكتئاب التي ترافقها 
  - وهي تصارع الحياة ... مما اضفى عليها 
   طابع الياس والقنوط ... 
   فقالت : تخلو سماء حياتنا من صفائها تتلبد بالغيم ... فالغيم كناية عن مشاعر الإحباط ....
-   ندت البسمة على ثغر شفاهنا كناية عن 
غياب مظاهر الفرح والانبساط من حياة البشرية حيث تشهد الشاعرة هذه الظواهر المرافقة للمجتمع الذي تعيش به .

وفجاة تنقلنا الشاعرة لجو جديد ومغاير تماما لما رأيناه سابقا .
فاكثرت من عبارات التفاؤل والرجاء كناية 
عن غزو الأمل لمملكتها الفكرية .. 
- شبهت الأمل بطيف يلوح واستعارت له كلمة البريق ليبدو جميلا ولامعا ومجددا 
لمظاهر حياة البشرية السابقة ... 
واستمرت  في التشبيهات فقد شبهت 
الحزن والفرح بالرداء الذي يلبس من باب
الكناية انه ملازم للجسد .. ومن باب الاستعارة فقد استعارت  للحزن والفرح رداء.
- شبهت الأمل بالرسام الذي يرسم البسمة على المحيا ...
-التشخيص  :
-جعلت الكاتبة خيالها يجنح للتشخيص 
فالعمر كالإنسان الرحالة 
والأمل كالطيف الإنساني يلبسنا رداء الفرح 
وينزع عنا رداء الحزن والشجن ..ويمسح دموعنا ويرسم على محيانا البسمة 
كناية عن تبدل الأحوال من حالة الى حالة
أخرى ...

ولكن لم تبدلت الأحوال بعد تلك المعاناة ؟ 
لا شك أنها فسحة الأمل التي ترافق الإنسان 
في مسيرة حياته ....
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .....

العاطفة : 
عواطف إنسانية ترافق الإنسان عبر مسيرة 
حياته مثل :
الحزن , االألم ، الاكتئاب ، الأمل .

وأخيرا 
أشكر الأديبة المتألقة شيماء الفرة على هذا النص الجميل حيث يتسم بالبساطة ..فقد استخدمت ألفاظا يستخدمها الجميع ..
وابتعدت عن الالفاظ الغريبة .... ولجات للصور الفنية الواضحة ولم تلجا للرموز الفلسفية. .. لكنها ادخلتنا في تيار الفلسفة 
حينما تحدثت عن العمر الذي لا بد أن يحط رحاله عند ضفاف الألم ..
إنها حديث الفلاسفة من قديم الزمان رحلة الألم ورحلة الأمل .. متناقضان يرافقان 
الفكر الإنساني ...ويستوطنان روح واحدة 
ويحتلان قلبا واحدا .. 
هما صديقان لا يفترقان .. فلحظات الألم  ترافقها لحظات الأمل وفقا للظروف التي 
نعيشها .. فأحيانا يطغى الألم والحزن وأحيانا يطغى الأمل والفرح ...وهكذا هي حياة الإنسان .. 
وفي النهاية لا بد ان نبتسم مهما عشنا من لحظات بؤس .. وقد اعتبر الشاعر أبو ماضي 
الابتسامة اجمل شباب للنفس فقال محاورا صديقا له  :
قال الصّبا ولّى فقلت له ابتسم
لن يرجع الأسف الصبا المتصرّما ّ
 وفي نظري ان كل مظاهر الحزن تنجلي حينما يدرك الإنسان حقيقة وجوده وانه خلق للعبادة .. فحينما ينقضي العمر ويظهر الشيب يكون هذا المظهر دليل الوقار والاتزان في مرحلة عمرية مكللة بالنجاح 
 لأولاد بارين وصالحين ... ومكللة بالعمل الصالح المثمر الذي قدم للمجتمع خيرات 
 كثيرة ...مما يبعث الرضا والسعادة في النفوس....
 ويعجبني كتابا اطلعت عليه قديما بعنوان :
( دع القلق وابدا الحياة )وهو مترجم لجميع اللغات ... وايضا يعجبني كتاب الشيخ عائض القرني حفظه الله بعنوان : لا تحزن ...
هذان الكتابان غيض من فيض ..ولا ننسى 
كتاب الله وسنة رسوله في حفظ النفوس وحمايتها من كل مظاهر البؤس .. هذا لو طبقت في. حياتنا بحذافيرها ....

أشكرك اديبتنا الألقة Shaymaa Elfarra
لأنك فتحت علينا ابوابا كثيرة تناولتها بنقدي 
لقصيدتك .. بارك الله بك وحفظك مع المزيد 
من التقدم في ميدان الأدب الذي خضتيه 
بكل انفتاح على هذا المجال وخاصة وأنت تعملين في المجال العلمي .. فقد كانت الرومانسية رفيقتك .. كل هذا سببه جمال نفسك الفياضة بالعطاء ..

تحياتي إليك شاعرتنا الألقة شيماء الفرة على طبق من الورود سلم 
نبضك الحي الذي يحرص على رسم الأمل
على محيّانا رغم الصراعات والحروب والألم.  

هذا الجهد المتواضع هدية قيمة لك أديبتنا    

ألف شكر أديبتنا الراقية همسة عتاب وأديبنا الفذ أشرف سعد  لهذا التوجيه من قبلكم  .. كان معكم : 
خولة رمضان 
ضمن فعاليات وبرامج مجلة همسات فوق اوراق الصمت .الف شكر استاذة همسة عتاب للتصميم البديع
  ألف شكر لكل المتابعين
تم نشره في همسات فوق أوراق الصمت
وعلى صفحتي الشخصية