الأربعاء، 15 أغسطس 2018

نقد للناقدة خولة رمضان

            بسم الله الرحمن الرحيم
   الرؤية النقدية المقدمة من قبلي خولة خوله رمضان لقصيدة شموع  عبر برنامج :
   ‏.        ( في ظلال النقد .)
          للأديبة المتألقةالشاعرة المغربية
فريدة مزياني
إلى عشاق النقد
نجوم لمعوا في سماء { همسات فوق أوراق الصمت }
واسعدونا براقي حروفهم
وأبهرونا بزخات أقلامهم
فوجب علينا أن نهديهم إهداء شرفي يليق بهم
وهي رؤية لما أبدعوا من سحر القصيد
اخترنا لكم هذا الأسبوع
قصيدة  { شموع }
للأديبة الأديبة المغربية المتألقة فريدة مزياني
وإليكم الرؤية النقدية المبسطة وما يختبئ وراءها من ظلال وانعكاسات .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

تحية إكبار وإجلال
من منبر  مجلة همسات فوق أوراق الصمت
مجلة الأدب والفكر والثقافة أحييكم أجمل
تحية وأضع بين أيديكم هذه الدراسة  بعنوان  :
( في ظلال النقد )
الموجهه من قبلي  للراقية الأديبة فريدة مزياني عن خاطرتها النثرية   بعنوان   (شموع ) ..

لمحة عن حياة الأديبة
فريدة مزياني كاتبة مغربية ، معلمة اللغة العربية وآدابها ، أم لتلاثة أبناء حفظهم الله
تهوى الكتابة .. نشرت العديد من المنشورات الإلكترونية .
       
إليكم الخاطرة
شموع.......
..........
.........
ثمة حكمة لاتبلغها...الا في عز وحدتك
عندما تعرف...وانت طاعن ..في الخسارة...
أنه يلزمك...اخفاقات عديدة...وانهزامات جمة..ليهون عليك ماتمر به...من فواجع صغيرة....وان كبرت أمام هول....ما رأيت ..... وما عايشت
وان السعادة...ماهي الا تراكمات..لأحداث...قورنت باخرى
فأفل....نجمها
أيتها السعادة....ساراقبك من بعيد
عبر زجاج روحي.....
هناك ....حيث بقايا عمري
واشلاء ايامي.....الباقيات
ستولد شمسي...التي اختار...وأبغي
سأرسمها....بنبض روحي
وأشعل وهج...نورها...الوضاح...
في وحشة ليلي ....الطويل......

.......بقلمي........  فريدة مزياني ..( ام دعاء)

الشكل البصري للنّص
نص نثري وجداني رمزي  على شكل خاطرة غير مقفاة ..
المعنونة بعنوان شموع .
        
الصورة الكلّية للنّص
خاطرة نثرية وجدانية رمزية ، تأتي نهاية لتجربة إنسانية .
نبدأ من العنوان وهو بعنوان شموع

وهذه الكلمة جمع لكلمة شمعة
والشمعة عبارة عن مادة بداخلها فتيلة تستخدم للإضاءة .
وهي كلمة تدل على مدرك حسي مألوف يستخدم كثيرا من الأدباء والشعراء كرمز إنساني فلسفي, يشير للكثير من التضحيات
غالبا في دلالاته الرمزية .
فالشموع إذن رمز إنساني للعطاء والبذل
بلا مقابل . وقد وُصِفت الأم بالشّمعة كدليل على أنّها تحترق لتنير درب أبنائها السائرين في طريق العلا .
وكل من يسير في طريق العلا يوصف بالشمعة لأنه اتخذ من العلم طريقا منيرا له
ولغيره .
والشمعة إذن تستخدم في وصف الأشخاص المميزين  بالإيجابيات التي لها تأثير جميل فيما حولها نظرا لتأثيرها الإيجابي بتبديل الظلمة إلى النور  .
والنور  يحمل معه دلالات أخرى رمزية كالفرح والانطلاق والأمل .
    ورغم السلبية الواضحة للعيان وهي انتهاء جذوة النّور في الشموع  بسرعة كبيرة. لأن إنارة الشمعة محدودة لهذا فقد استخدمت الشموع في الأدب رمزا للعطاء بلا مقابل وفناء الذات ليحيا الآخرون .
فكيف استخدمت أديبتنا فريدة مزياني رمز الشموع ؟
استخدمته كعنوان لخاطرتها وبعد تحليل الخاطرة سندرك علاقة العنوان بالنّص ورمزيته .

تحليل الرّمز
ابتدأت الأديبة خاطرتها بقولها  :
(ثمة حكمة لاتبلغها...الا في عز وحدتك )
هذه العبارة تشير إلى أن هناك حكمة وصلت إليها الأديبة في حين كانت غارقة في الوحدة بسبب احداث مريرة مرت بها .
   وهذا شيء مألوف عند الأدباء أن يصل الأديب لذروة الإدراك الفلسفي والحكمي في لحظة تجلي أثناء الانفراد والوحدة .
وعادة يسبق هذا الإدراك ضغوطات وأحداث
فقالت :
‏.  "ثمة حكمة لاتبلغها...الا في عز وحدتك
عندما تعرف...وانت طاعن ..في الخسارة...
أنه يلزمك...اخفاقات عديدة...وانهزامات جمة..ليهون عليك ماتمر به...من فواجع صغيرة....وان كبرت أمام هول....ما رأيت ..... وما عايشت "

وقد توصلت لحكمتها وهي طاعنة في الخسارة . فما دلالة كلمة طاعن ؟
نقول طاعن في السن عن العمر ،  وطاعن
في الخسارة عن الشخص الذي عانى من تجربة وجدانية انتهت بالخسارة والفشل
فما هي التجربة التي حصلت مع أديبتنا
يا ترى ؟
وانا كناقدة لي بالحدث وليس لي بالتفاصيل الدقيقة .. وساترك لأديبتنا ان تذكر التفاصيل إن أحبت ذلك .
وعادة تبدأ المصائب كبيرة وتتصاعد وتصل الذروة وتمتد وتمكث وقتا عصيبا على الشخص  وفقا لطبيعة الشخص الذي حصلت معه ..
وقد تأتي احداث جديدة فنستصغر ما حدث كما عبّرت الكاتبة فريدة مزياني لتبدأ  المصيبة بالتقهقر  .
فقالت :" اخفاقات عديدة...وانهزامات جمة..ليهون عليك ما رأيت وما عايشت "
  إذن فالحكمة توصلت إليها بالخبرة والتجربة وقد وصلت إلى مرحلة التراجع
  ‏عن الشعور بهول الفاجعة  وهانت عليها الأحداث الوجدانية العصيبة التي مرت بها .
فالأديبة لا شك  عاشت ظروفا قاسية .. ولم تتركها فهي تمر بأحداث وإخفاقات وانهزامات متكررة وقد وصفتها بالصغيرة كدليل انها لا تُذكر أمام هول ما رأت  ... إلخ
المهم في الأمر ما الحكمة التي توصلت إليها باختصار ؟
   وكأنها تقول لنا أنّ الإنسان مهما عانى من مصائب فلا بد أن تهون مع مرور الوقت
   ‏وخصوصا إذا تعرّض لأحداث جمّة
   ‏وتبدو صغيرة مقارنة بما يحدث .
   ‏انتقلت اديبتنا بعدها لتحدثنا عن السعادة
   ‏فما علاقة السعادة  بحكمتها التي توصلت إليها ؟ حيث قالت تعرّف السعادة :
   "‏وان السعادة...ماهي الا تراكمات..لأحداث...قورنت باخرى
فأفل....نجمها"

كانت المعاناة حقيقية وعظيمة وتراكمت
مرات ومرات ولكن المقارنة التي ذكرتها بين
المصائب جعلتها تشعر باستصغار المصائب
وأفل نجم السعادة أخيرا ..
فهل غادرتها السعادة إذن .. ؟ وهل وصلت إليها أديبتنا يوما ما ؟
هذا ما يبدو عندما أفل نجمها .
وإني أسأل أديبتنا هل قصدت بالضمير المستتر نجم السعادة ام نجم المصائب ؟
فإن كان ما أفل نجم السعادة فهنا مفارقة عجيبة .
لأن اديبتنا تابعت بعد أن عرّفت السعادة
تقول :
أيتها السعادة....ساراقبك من بعيد
عبر زجاج روحي.....
هناك ....حيث بقايا عمري
واشلاء ايامي.....الباقيات
ستولد شمسي...التي اختار...وأبغي
سأرسمها....بنبض روحي
وأشعل وهج...نورها...الوضاح...
في وحشة ليلي ....الطويل......
     إذن السعادة ما زالت بعيدة ولكنها ستراقبها عبر زجاج روحها كما راينا من تعبير الكاتبة . فقط هي سترقب السعادة من بعيد حيث بقايا عمرها وأشلاء أيامها الباقيات .
حيث المستقبل الذي ستعيشه لاحقا . فهل
هو الأمل بغد أفضل مما مضى . ؟
لا شك أنها تتأمل السعادة التي فقدتها عبر
الأيام التي ستعيشها لاحقا .ولجأت إلى الصورة الفنية حيث أستعارت الزجاج لروحها كدليل على شفافية الروح ، وهنا تجسيد للمعنويات ، وهنا قمة البلاغة لخدمة الفكرة .
ولكنّ أيامها القادمة بقايا وأشلاء .. فهنا وصفت وشبهت ما تبقى من أيام بالأشلاء كدليل على طول الفترة الزمنية من عمرها الفائت الذي انقضى من حياتها محملا بالمصائب والآن كيف ستحيي  الآمال العريضة بمستقبل يحمل في طياته نوعا من السعادة .؟
فما هي السعادة يا ترى ؟ لن أخوض في تعريفاتها الفلسفية فهي معقدة وكثيرة .
ولكن السعادة بأبسط تعريفاتها  هي الشعور النفسي بالرضا وهذا المعنى مهم جدا بعد أن تباينت نظرة الناس إلى السّعادة ،  فالسّعادة شعور ينبعث من الدّاخل  .. والعوامل التي تؤدي للسّعادة كثيرة جدا فالصّحة مثلا ليست هي التي تصنع السّعادة ولكن بدون شك هي  أحد العوامل الأهم التي تؤدي للسّعادة حين ندرك قيمة الصحة  . وكذلك المال والزوج والأولاد  والأصحاب .   فهذه العوامل لا تصنع السعادة  ما لم ينبع  الرضا النفسي من الداخل.

     فهل وُلِد الرضا النفسي لدى أديبتنا  بعد هذه التجربة  ‏الطويلة من المعاناة ؟
‏بلا أدنى شك جاء الرضا . والدليل استخدام الكاتبة لسين الاستقبال قبل الفعل المضارع
‏فقالت ستولد شمسي .
‎شبهت الشمس بالمخاض الذي تصاحبه المعاناة .. والولادة للأمل والسعادة عبر مخاض يتصف بالألم والمعاناة الطويلة .
‏وتابعت أنها سترسمها بنبض روحها فقالت :
‏"سأرسمها....بنبض روحي
وأشعل وهج...نورها...الوضاح...
في وحشة ليلي ....الطويل......"
إذن لم يتغير على نفس الشاعرة شيء
سوى وجود الرضا ، فما زالت ظلمة اللّيل الطويل تتابعها ولم تختلف حياتها إلا أنّها تأقلمت بالواقع ورضيت بما كان وبما سيكون
عليه حالها .
حكمة جليلة توصلت إليها بعد ان تعرضت لعصف من الأحداث المتتابعة .
خرجت الأديبة منها أقوى من ذي قبل تحمل بصيصا من النور تتحدّى عواصف القدر وترضى لتعيش بقية حياتها بهدوء. 

إذن أين يكمن عنوان الخاطرة في هذه الأحداث ؟
الشموع هي رمز لتضحيات  اديبتنا  .. لقد انصهرت ذاتها بعد أن انارت ظلمة روحها .. وتوصلت لحكمة جليلة جاءت بعد معاناة ،  وكأنها تستلهم الصبر من معاناتها لتخرج بصورة أقوى ،  ترضى بما واجهت من أحداث لتصل لقرار الرضا النفسي رغم ما واجهت من تحدّي ..
ورغم السّعادة المفقودة إلا انها الآن تبدو
سعيدة بالأمل ..
"ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ."

أعزائي المتابعين
هذه وجهة نظر لما وراء النقد .. وما يوحي إليه النص وفق رؤيتي الخاصة لظلال النّص الوجداني الرمزي .

لقد استطاعت اديبتنا الفذة  نقلنا لتجربة شعورية دقيقة عبر رمزيتها غير المفرطة
ورغم ذلك إلا أن النص واقعي أيضا في احداثه فالبشر يتشابهون فيما يتعرضون له من احداث وفي نسبة المشاعر التي يعيشها الإنسان وبالذات المرأة ، ذلك الكائن اللطيف
الذي يتفانى ليعيش الآخرون بخير وسعادة
بينما تهضم حقوقها وتتناسى أن لها الحق في البوح امام غطرسة الرجل احيانا ، فتلجأ
للتعبير عن معاناتها بالرموز احيانا ، وبواقعية أحيانا اخرى .. وهذا الأدب النّسوي النّثري جاءت تقسيماته مؤخرا  .
فهل  حقا هناك أدب نسائي.؟... وبالتالي علينا أن نؤمن بوجود  أدبا رجاليا أيضا.؟ وما هي خصائص الأدب النسائي إن جاز المصطلح  .؟ فهل يكفي أن تكتب المرأة موضوعا حتى ننعته بالأدب النسائي.؟ ثمّ نصنفها بأديبة نسوية.؟...
كل هذه التساؤلات وجدتها قد شغلت النّقد الحديث ، فكيف سيكون عليه حال أدب المرأة الحديث ؟ واين ستصل في كتاباتها ؟
ومن ثم ماذا سيكون موقفنا من الدّراسات النسائية  ببقية العلوم الأخرى غير الأدبية حينما تكتب بها المرأة بحكم اختصاصها وهل نصنفها تحت  مسمى الأدب النسائي أيضا. ؟
علما أنه هناك من يعارض هذه التقسيمات التي جاءت حديثا .
وحجة من جعل للمرأة أدبا خاصا بالأنثى
أنه أراد خلق لغة أنثوية جديدة تركز على الهوية الأنثوية كذات قائمة بذاتها  للتحدث عن معاناة المرأة في مجتمع ذكوري.. 

أخيرا أشكر أديبتنا الفذة على نصها الممتع والذي جاء كنوع من المعاناة فعبّرت عن معاناتها بصورة رمزية واضحة نسبيا  بأسلوب سلس وبعبارات تشوّق القارئ .

والرمزية مدرسة أدبية لها سماتها وخصائصها وأهمها التخفي خلف رمز حماية للنفس من المحاسبة من قبل الآخرين على ما يستودع فيها من اسرار باطنة .
ورغم وضوح الرمز إلا أني وجدت به بعض الغرابة  وخصوصا حينما اعتبرت الكاتبة أنّ الفواجع تهون حينما يمر الإنسان بإخفاقات عديدة  .  لكن كما قلت سابقا فإن الرضا النّفسي الذي توصلت له الكاتبة هو شمس الأمل عبر وميض الرووح  ..ورغم تقادم الانهزامات إلا أنّ  هناك وميضا يجعلنا
نرقب السعادة ونستشعرها عن بعد .

وأودّ أن أشير إلى أن عملي النّقدي هذا هو مجرّد رؤية شخصية من هاوية تحبُّ النقد
ولم أتبع في نقدي مدرسة نقدية معينة  ولا منهج نقدي محدّد  .وهكذا احبُّ أن أسير بلا قيود وانا اكتب دراستي ورؤيتي لما وراء النّقد .

  ألف شكر أديبتنا الراقية :
همسة عتاب وأديبنا الفذ الراقي : أشرف سعد  لهذا التوجيه من قبلكم  .. كان معكم :  خولة رمضان
ضمن فعاليات وبرامج مجلة همسات فوق اوراق الصمت . الف شكر اديبتنا الراقية همسة عتاب على هذا التصميم للبرنامج .
  ألف شكر لكل المتابعين والمتفاعلين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق