الخميس، 1 مارس 2018

نقد للشاعر ابراهيم ذيب سليمان

https://m.facebook.com/
groups/1432500013747488?view=permalink&id=190329998
3334153

بسم الله الرحمن الرحيم
   الرؤية النقدية المقدمة من قبلي خولة رمضان  لقصيدة  ( لست أخشى الموت ) عبر برنامج قصيدة وتأملات  ناقد ....
          للأديب المتألق الشاعر الفلسطيني
           إبراهيم ذيب سليمان  .....
إلى عشاق النقد الأدبي

نجوم لمعوا في سماء { همسات فوق أوراق الصمت }
واسعدونا براقي حروفهم
وابهرونا بزخات أقلامهم
فوجب علينا أن نهديهم إهداء شرفي يليق بهم
وهو نقد لما أبدعوا من سحر القصيد
اخترنا لكم هذا الأسبوع قصيدة
        {.لست أخشى الموت }
للأديب الشاعر الفلسطيني المتألق
         إبراهيم ذيب سليمان
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

تحية إكبار وإجلال
من منبر  مجلة همسات فوق أوراق الصمت
مجلة الأدب والفكر والثقافة أحييكم أجمل
تحية وأضع بين أيديكم هذه الرؤية النّقديّة
الموجهة من قبلي خولة رمضان  لأديبنا الراقي الشاعر إبراهيم ذيب سليمان عن قصيدته العمودية  ...
لست أخشى الموت
            إليكم القصيدة :

لست أخشى الموت ...
ــــــــــــــــــــــــ

هَدَّدوني ... في   خِطابٍ   مَهْزَلَهْ
        لا سَلاماً ..... يَحْتَوي   أوْ  بَسْمَلَهْ

( قدْ  قرأْنا  في  هُدوءٍ  شِعْرَكُمْ )
       وَارْتَأيْنا ..... أن   نحِلَّ   المُشْكِلَهْ

كُنْ  لنا   عوناً .....  وَمَجِّدْ   فِعْلَنا
           وَالْتَزِمْ  بِالأمْرِ .....نُنْهي الَمسْألَهْ

كَمْ  مِنَ  الكُتّابِ ..... أمسى غائباً
         أوْ سَجيناً .... أوْ رَصاصٌ جَنْدَلَهْ )!!

صِرْتُ  أهْذي  هَلْ  أنا  في  يَقْظَةٍ
        ثُمَّ  في  سِرّي  قَرَأتُ ( الحَوْقَلَهْ )

هَلْ  قضايانا  انْتَهَتْ ...في لَحْظَةٍ
      هَلْ بشعْري ...قد خلقتُ المُعْضِلَهْ؟!

كَمْ   عظيماً ..... أنَّ   شِعْري  مَرَّةً
     ضَجَّ   مأواهمْ ..... وَصارتْ   بَلْبَلَهْ!

سَوْفَ  أبْقى   شَوْكَةً   في  حَلْقِهِمْ
        سَوْفَ  يَعْلو  صَوْتُ  شِعْري جَلْجَلَهْ

لَسْتُ أخْشى المَوْتَ .. هذا موقفي
         في  سَبيلِ  الأرْضِ ...  تَعْلو المَنْزِلَهْ

ـــــــــــــ
ابراهيم ذيب سليمان

لمحة عن حياة الشاعر :
إبراهيم ذيب سليمان مواليد ١٩٥٨ م شاعر فلسطيني من بلدة كفل حارس قضاء نابلس
وسميت بهذا الاسم نظرا لوجود مقام النبي ذي الكفل فيها.....
له ديوان شعر بعنوان : لا ترحلي
طبع في الكويت ..
وعدة دواوين مشتركة مع شعراء عرب ..
يكتب الشعر الغزلي والوطني والسياسي
وأيضا الشعر الغنائي  باللّهجات المختلفة عامة ..
--------------.            

أبدأ من عنوان القصيدة :
         ( لست أخشى الموت )
العنوان عبارة عن جملة اسمية ..بدأها الشاعر بفعل جامد ناقص من اخوات كان يفيد النّفي  .
وقد اتصل هذا الفعل الناقص بالضمير التاء التي تعود على الشاعر نفسه وتنطبق أيضا على كل أديب ومفكر حر ّ يدافع بقلمه عن قضاياه فيقول عن نفسه : لستُ
فينسب النّفي إلى نفسه . ولكن الشاعر بصورة واضحة  تحدّث عن كل الأحرار في وطنه حينما قال :
كمٔ من الكتّابِ أمسى غائباٌ
          أو سجيناٌ أو رصاصً جندَله .

ماذا ينفي الشاعر عن نفسه ؟
الشاعر ينفي عن نفسه الخوف من الموت .
هو لا يخشى الموت الذي قد يداهم الإنسان في أي وقت . فقد تعددت الأسباب والموت واحد ..لكنه يعيش ضمن نطاق مجتمعي
إنساني مبعدا عن وطنه هجر أرضه وحُرمَ منها .. هو  يتحدث بلسان كل شخص حرّ شريف ما زال يقبع تحت نير الاحتلال الصّهيوني ... ويتحدث باسم كل شخص حُورِبَ نفسيا واجتماعيا من قِبل فئة البُغاة الظالمين الذين سلبوا الأرض وأعانوا على الفساد ودنّسوا  العِرض. إذن شاعرنا يتحدث باسمه وباسم الشرفاء من أبناء فلسطين وغيرها من الدول المستباحة  .وباسم كل إنسان يتمسك بالمبدا والقيم .وباسم كل قلم حر شريف يأبى الظلم .

فكيف يقف بهذا الطود الشامخ في وجه الموت .؟
نستقي الجواب من قول فيلسوف الإسلام
في الموت ابو حامد الغزالي في إحياءه حين قال:
‏ "واعلم أن المؤمن ينكشف له عقيب الموت من سعة جلال الله ما تكون الدنيا بالإضافةإليه كالسجن والمضيق، ويكون مثاله كالمحبوس في بيت مظلم فتح له باب الىبستان ....... فلا يشتهي العودة  إلى السجن المظلم".
عقيدة راسخة في نفس الشاعر جعلته يتحدى الموت ويواجه كل من هدّده بالموت من البغاة بعبارة هي واجهة القصيدة وعنوانها مستلهم  من قوة العقيدة وحب الوطن  ( لست أخشى الموت )
والموت حقيقة خالدة لا ينكرها أحد  فحتى الملحدون من الفلاسفة  قالوا إنّ الموت حياة يخلقها كفاح الأشخاص عبر حياتهم .
واعتبر بعض الفلاسفة أنّ الموت هو الحب ذاته . هو حب للوطن والنّفس والكلمة الحرة .
وهكذا شاعرنا يتنفس بحب الوطن حينما قال : لستُ اخشى الموت هذا موقفي
   في سبيل الأرض تعلو المنزلة .
   ‏وهو محب لنفسه حينما جعل نفسه تتحدى الموت ولا تخشاه ..
   ‏ثم جاء التّحدي للمستعمر وللفئة الباغية التي تهدده وجاء التّحدّي عبر كلماته الحرّة  إذ قال :
   ‏سوف أبقى شوكة في حلقهم
   ‏سوف يعلو صوتُ شعري جلجلة
   ‏وهو حريصٌ على قضاياه الوطنية  حينما قال ؛ هل قضايانا انتهتٔ في لحظة
   ‏       هل بشعري قد خلقت ُ المعضلة .؟
هذا العنوان البسيط تجوّل عبر أبيات القصيدة فجاء التّحدي صادقا وواقعيا .

الصورة البصريّة للنّص :
قصيدة عمودية موزونة تسير على بحر الرمل مكونة من نظام الأشطر  في كل بيت ست تفعيلات ثلاث تفعيلات في كل شطر بحرف روي الهاء الساكنة  وقافية على وزن فعٔلَلٌه .

الصورة الكلية للنص : قصيدة وجدانية وطنية واقعية سياسية فكريّة تحمل أبعادا رمزية ومناسبة  خاصة بالشاعر  .

             الموسيقى :
كما ذكرت سابقا هناك موسيقى خارجية للقصائد العمودية وهو الوزن العروضيّ والقافية وحرف الرويّ .
وهناك موسيقى داخلية تأتي من عدة امور .

الموسيقى الخارجية :
أولا : البحر العروضيّ
- البحر العروضي هو بحر الرمل التام ويتكون من ست تفعيلات في البيت الواحد
وكل شطر يتكون من ثلاث تفعيلات وهي :
فاعلاتن فاعلاتن فاعلات
لجا الشاعر للزحاف مرة واحدة في البيت الخامس فجاءت تفعيلة الحشو في العجز فعلاتن ..
ولجا للعلل في كافة ابيات القصيدة في آخر تفعيلة في الصدر وآخر تفعيلة في العجز
فجاءت فاعلاتن على هيئة فاعلا.

ثانيا : القافية
عرّف النقاد القافية بأنها :
هي الحروف التي يلتزم بها الشاعر في آخر كل بيت من أبيات القصيدة . وتبدأ من آخر حرف ساكن إلى أول ساكن يليه مع الحرف المتحرك الذي قبل الساكن .

وعلى هذا الأساس فالقافية بالترتيب
بسمله  ، مشكله ، مسألة ، جندلة  حوقلة ، معضلة ،  ، بلبلة ، جلجلة  ، منزلة .
هذه الكلمات كلها على وزن فعللة بفتح الفاء وضمها .. باختلاف بسيط في الحركات .
ومجيئها على نفس الوزن أعطى القصيدة جرسا موسيقيا قويا .
بما أننا تطرقنا إلى مسألة الموسيقى وأن القافيه يجب أن تكون بنفس النغمه الموسيقيه الطارقه للأذن فإن بعض النُّقاد  اعتبر القافيه سماعيه وليست كتابيه ..

ثالثا : حرف الروي وهو الحرف الأخير في القصيدة حرف التاء  الموقوف عليها بالهاء الساكنة .. ولأن الهاء من الحروف الضعيفة
وصوتها غير مسموع ننتقل لحرف اللام الذي يسبقها فتكون اللام حرف الرويّ المسموع . وهذا الحرف أعطى جرسا موسيقيا خارجيا .

الموسيقى الداخلية .
- التناغم والترابط في المعنى بين الشطرين
فالشطر الأول لمرتبط بالشطر الثاني من حيث المعنى فمثلا البيت الأول أشار للخطاب وفي الشطر الثاني ذكر صفة الخطاب ... فكمّل المعنى .
وفي البيت الثاني هناك عطف بين الشطرين
فقال : قد قرانا في الشطر الأول ثم قال : وارتأينا أن نحل المشكلة في الشطر الثاني
والعطف بأفعال متساوية يؤجج الجرس الموسيقي الداخلي .
وفي البيت الثالث تكرار  افعال الأمر ثم جواب الطلب في الشطر الثاني .. جعل للبيت جرسا موسيقيا . وهذا ما يسمى بحوار الفعل ورد الفعل .
ثمّ أن تنوع الأساليب الإنشائية مثل كم الخبرية  مثل جملة : كم من الكتاب
وجملة :  كم عظيما .. هذا الأسلوب الهادر بكم اعطى جرسا موسيقيا داخليا .
كما أنّ الاستفهام بهل مثل : هل انا في يقظة ؟
هل قضايانا انتهت ؟
هل بشعري ؟
إن هذا الاستخدام المتتابع مع استخدام اسلوب العطف من الأساليب التي تبعث
على خلق موسيقى داخلية للنص.
- استخدام الحروف الهامسة وخاصة حرف السين .. وقد تكررت الكلمات الهامسة لتعطي نغمة موسيقية قوية . مثل :: المسالة أمسى سجينا سوف سري لست  سبيل....
- الطباق في قوله : التزم بالأمر ننهي المسالة .
وهذا الطباق أو التّضاد في المعنى  بين فعلي : التزم وننهي .
- ‏التصريع : وهو تطابق القافية بين تفعيلتي الصدر والعجز . وقد وردت هذه الخاصية في البيت الأول .
      """""""""".             
                 
                 الأفكار : 
ابتدأ الشاعر قصيدته بالإشارة إلى الفئة الباغية التي تهدد أصحاب القلم الحر
فهل كان التهديد لفظيا ؟
نعم كان عبر خطاب موجه للشاعر
وقد  وصفه شاعرنا بالمهزلة
فقال : هددوني في خطاب مهزلة .
ما صفة هذا الخطاب ؟
خطاب جاف ليس به سلام او بسملة .
ومعروف أن السّلام والبسملة من مزايا المراسلة في الإسلام .. وهؤلاء البغاة متأسلمون ... وكأنهم يهادنون المستعمر وييستعيرون أسلوبه الجاف في مخاطبة
اصحاب القلم الحر .
ماذا طلب منه البغاة في خطابهم له ؟
طلبوا منه ان يتعاون معهم كما طلبوا من غيره من الشرفاء.
فالشاعر جعل من قلمه رمزا لكل حر شريف .
جعل البغاة  من موافقة الشاعر لطلباتهم
حلا وطنيا واجتماعيا وسياسيا عاما .
الحل بنظرهم ان يتخلّى الشُّرفاء عن أوطانهم وعن مبادئهم وقيمهم ليحققوا أهدافهم في التعاون مع البغاة والمستعمرين .

فقالوا للشاعر :
كُنْ  لنا   عوناً .....  وَمَجِّدْ   فِعْلَنا
  وَالْتَزِمْ  بِالأمْرِ .....نُنْهي الَمسْألَهْ
  ‏أوامرهم للشاعر جاءت عبر استخدام أفعال الأمر مثل : كن ومجّد والتزم .
  ‏هذا ما يفعله الطغاة مع أصحاب الكلمة الحرة الشريفة حيث يناضل هؤلاء عبر مواقفهم ‏الشريفة وأقلامهم الحرّة فكيف يكون مصيرهم ؟
  ‏لا شك أن مصيرهم التّغييب والسجن او القتل ..
  ‏والدليل هذا البيت :

كَمْ  مِنَ  الكُتّابِ ..... أمسى غائباً
أوْ سَجيناً .... أوْ رَصاصٌ جَنْدَلَهْ )

سؤالي ما تأثير الشعر والأدب في مسيرة
القضايا الوطنية ؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد من استعراض الامر في القرآن الكريم :
قال تعالى : "  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ "
وقد أشار المفسرون إلى ان اي كلام يدخل في باب الإصلاح مشمول بالكلمة الطيبة
لهذا فإن الجهاد نوع من أنواع  إصلاح أحوال الوطن .
والكلمة الحرة لإصلاح الوطن والوقوف في وجه المستعمر والظلم هو نوع من  انواع الكلام  الطيّب.

ما تأثير ما فعله الجناة بالشّعراء والكتّاب على أصحاب الفكر والكلمة الحرة ؟
يظهر هذا التأثير على الشاعر في قوله :

صِرْتُ  أهْذي  هَلْ  أنا  في  يَقْظَةٍ
ثُمَّ  في  سِرّي  قَرَأتُ ( الحَوْقَلَهْ  ...
لم يعد يميز الشاعر هل هو في يقظة أو في حلم .. وصار يهذي .. فلجأ لله تعالى 
اختصر الشاعر كل ما يريد قوله بآية من الفرآن الكريم . ووكّل أمر هذا الموضوع لله .
قال تعالى في سورة الكهف : 
" ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله "
لكن شاعرنا إبراهيم ذيب سليمان يتساءل
هل شعره يستحق هذا االعقاب من الفئة الباغية .. هل خلق معضلة ليس لها حلا ؟
فقال في هذا المعنى :

هَلْ  قضايانا  انْتَهَتْ ...في لَحْظَةٍ
هَلْ بشعْري ...قد خلقتُ المُعْضِلَهْ ؟

كَمْ   عظيماً ..... أنَّ   شِعْري  مَرَّةً
ضَجَّ   مأواهمْ ..... وَصارتْ   بَلْبَلَهْ

إذن هذا الشعر الذي هو أحد الأنواع المعبرة عن الفكر الحر والكلمة النقية قد خلق بلبلة
وأقضّ مضجع ومأوى  البغاة .

هل واصل شاعرنا التّحدّي للفئة الباغية ؟
نعم استخدم سوف للتعبير عن الإصرار وشبه نفسه بالشوكة التي تقضُّ مضاجع المستعمر والفئة الباغية التي نصّبتٔ نفسها
سندا للمستعمر .
لن يتنازل شاعرنا عن موقفه بل  سيعلو صوته مجلجلا يصدحُ بشعره فقالَ في هذا المعنى :
سَوْفَ  أبْقى   شَوْكَةً   في  حَلْقِهِمْ
سَوْفَ  يَعْلو  صَوْتُ  شِعْري جَلْجَلَهْ

كيف تتابع صوت التّحدّي من الشاعر ؟
جاء الصّوت مع عبارات تحدّي الموت الذي
طال العدد الأكبر من المدافعين عن حريّة الكلمة .
ما أجملها من استمرارية في الوقوف بوجه الطُّغيان !! فقال في هذا المعنى :
لَسْتُ أخْشى المَوْتَ .. هذا موقفي
في  سَبيلِ  الأرْضِ ...  تَعْلو المَنْزِلَهْ

ولأجل ماذا هذا التّحدي ؟
لأجل الأرض( أي الوطن  ) لأن الأرض كناية عن الوطن المُستعٔمَر من قبل دولة الاحتلال  ورمز وطني لكل القيم والمثل الوطنيّة .

خاتمة جميلة وقفلة لموضوع أرّق الشاعر
وجعله يوكل أمره لله ...وبعد حوار ساخن مع الفئة الباغية التي أرادت أن تسكت أصوات الكتّاب الأحرار ... :
أراد الشاعر أن يوصل لنا رسالة إنسانية وطنية مفادها وملخصها أنه لن يّذَل ولن يركع لأي جهة ...وصوته لن يُخرس .. وقلمه سيبقى مجلجلا مهما وصله من تهديد بالسّجن او القتل او غير ذلك ..

الأساليب والبلاغة  :
الاختصار ومثال عليها :
- اختصار حكاية (بسم الله الرحمن الرحيم) .. وفي الأساليب الكتابية تسمى اختصار حكاية الشيء.
الحوقلة : كناية عن قول الكاتب ( لا حول ولا قوة الا بالله )... وهذا الأسلوب اختصار حكاية الشيء.
التشبيه : في قوله : سوف أبقى شوكة في حلقهم ‏وهنا شبه موقف التّحدي بالشوكة في الحلق وهو نوع من التشبيه التمثيلي.
‏شبه الشعر بإنسان يحدث تأثيرا وپلبلة .في قوله :
كَمْ   عظيماً ..... أنَّ   شِعْري  مَرَّةً
       ضَجَّ   مأواهمْ ..... وَصارتْ   بَلْبَلَهْ
- الأساليب الإنشائية باستخدام الاستفهام بهل والتعجب بكم الخبرية .
- المجاز المرسل بقوله فؤ سبيل الأرض تعلو المنزلة . وقصد بالأرض الوطن وهو مجاز مرسل علاقته الجزئية .

                  العواطف
سيطرت على الشاعر عاطفةُ الحزن والأسى والحسرة والألم  لغياب المبادئ والقيم  ويبدو ذلك جليّا  .
‏ وهذه العواطف  تناسب الأحداث التي تمر بها القضية الفلسطينية ويبدو ذلك بملامح من الاكتئاب والأسى الذي يظهر في قوله:
‏ ‏
هَلْ  قضايانا  انْتَهَتْ ...في لَحْظَةٍ
       هَلْ بشعْري ...قد خلقتُ المُعْضِلَهْ؟!

ولكن العاطفة لدى الشاعر تتنامى وتصعد بعد الاكتئاب والأسى لتصبح عاطفة عزٍّ وكبرياء وشموخ وفخر حينما قال :

سوْفَ  أبْقى   شَوْكَةً   في  حَلْقِهِمْ
       سَوْفَ  يَعْلو  صَوْتُ  شِعْري جَلْجَلَهْ
لَسْتُ أخْشى المَوْتَ .. هذا موقفي
      في  سَبيلِ  الأرْضِ ...  تَعْلو المَنْزِلَهْ

هذا التحدي للبغاة  ما هو إلا صوت الكبرياء والشموخ والكرامة   مما  أضفى على القصيدة روعة التّحدّي  ، لأن الصمود وعدم الاستسلام  كشفَ عن وجود هذه القوة المعادية  للطُّغيان في الوطن  المحتلّ ، . واستخدم من خلال هذا التّنوع الألفاظ الموحية التي توحي بقدرة الشاعر على
صياغة  الألفاظ التي تخدم الفكرة .
وأخيرا أقول : إن هذه القصيدة الوجدانية   تغوص في ثنايا الفكرة لتعمق إدراكنا بما يحدث في بيئة الشاعر من أحداث ومظاهر خيانة ومهادنة للمستعمر   انتقلت للوطن  الأكبر وللمجتمع العالمي .  .

              إضاءات على النّص :
              ‏-------------------------
إنّ التّحدي والوقوف في وجه الظّلم موقف
عام  تقوم عليه القصيدة ...وهو شاعر يتبنى فكر حر .. ويعبّر عن فكره إنسانية وطنية بقلمه الوطنيّ ...

وتنبع أهمية حرية التّعبير من كونها  الطريقة الأولى في جهاد الكلمة  وباعتبارها أسلوباً من الأساليب التي يعتمد عليها المفكرون والأدباء في التعبير عن أنفسهم .
  ثمّ إنّها  جزء مهم من كرامة كل مواطن  ووسيلة هامة  لتبادل الأفكار..
 
‏وقد أعجبني تعريفا مهمّا لحريّة التعبير وهو كالآتي :
‏'هي القدرة على التعبير عن الأفكار والآراء من خلال الكتابة او الكلام دون رقابة أو قيود من السلطات العليا . بشرط ان لا تخترق القوانين وأعراف الدُّول ."

‏ويُعَدُّ الفيلسوف جون ستيورات اوّل من نادى بحرية التعبير عن الرأي فقال في ذلك :
"‏إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يمتلك رايا مخالفا فإن إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة ."

كيف تعامل الإسلام مع هذه الحرية وما هي الضوابط التي تحدُّها؟

إن الحديث عن الحرية وبخاصة حرية التعبير والفكر موضوع قديم ، وقد اشتغل الفلاسفة  والعلماء  من عامة الشعوب بهذا الموضوع ، لأن  الحريّة شيء يجذب الإنسان، ويستقطب أنظار المفكرين على مختلف المستويات ..
هناك قيود للحرية  تتطلب ضبطها بقواعد النّظام العام والآداب العامة والقيم الدينية  والرسالات الإلهية.
وفي عصرنا الحاضر ازدادت الحاجة  إلى تبيان أفق الحريّة بسبب إساءة مفهومها في بعض الدُّول أو إساءة استعمالها لدى بعض النّاس. فصدموا الضمير الإنساني، وهزوا مفاهيم  القيم العليا، وعاثوا في الأرض فسادًا مدّعين أنهم مصلحون . وفي الواقع هم مفسدون ويشملهم النّص القرآني الكريم:
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} الكهف

أما ما أريد قوله كناقدة  عن حرية التّعبير  وانا أنقد النص الذي امامي لشاعرنا إبراهيم ذيب سليمان فهو الآتي  :
إنّ حرية التعبير   وفي ظروف كهذه التي نعيشها  قسرا حيث دُمّرت  وصودرت الأوطان  من قِبل الاحتلال فإن السكوت عن هذا الطغيان ضعفً واستسلام .
ولا يجوز التغاضي عن الكلمة الحرّة بأي حال من الأحوال .
بورك القلم الذي يعرّي فساد المحتل ، ويكشف الخيانة ، ويرسم ملامح مستقبل
الأجيال القادمة بوطن آمن يخلو من الدّمار والتّهجير القسري والفساد والقتل .
أما من كان عونا للمحتلّ وتخلّى عن القيم والمبادئ من أجل المال ومن أجل السّلطة فهو آثم ... وسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون .

أخيرا أشكر اديبنا الفاضل وشاعرنا الألق الأستاذ إبراهيم ذيب سليمان على قصيدته الهامّة حيث فتحت لنا آفاقا في الحوار والكشف عن مضامين حريّة التّعبير .. وقد جعل شاعرنا قيودا خاصة به في تعبيره وأخضع كلماته لحكم الضمير والعقل وهذه الحريّة المقيدة هي ما نريدها من أدبائنا ومفكرينا .
والدّليل على هذه القيود قوله :
صِرْتُ  أهْذي  هَلْ  أنا  في  يَقْظَةٍ
        ثُمَّ  في  سِرّي  قَرَأتُ ( الحَوْقَلَهْ )
عبّر الشاعر بهدوء عن رفضه وأوكلَ أمره لله
كي يبقى ضمن قيوده في الحفاظ على أمن الوطن .
وإني  أعتبر القيود   مطلبا شرعيا عند كل صاحب قلم حر شريف ..لأن حريّة التعبير في الإسلام مرتبطة بالدرجة الأولى بعدم الإضرار بالآخرين وهذا القيد إيجابي في الشرع .. والدليل أن شاعرنا قيّد نفسه بقيود النفس المهذبة قوله : 
  هَدَّدوني ... في   خِطابٍ   مَهْزَلَهْ
         لا سَلاماً ..... يَحْتَوي   أوْ  بَسْمَلَهْ

يريد من هؤلاء المتأسلمون  حوارا إسلاميا يبدأ بالبسملة والسّلام  بما فيه الصالح المجتمعي والوطني العام .

ما طرحه الشاعر من قضية فكرية تقودنا
إلى عمق تجربته الشُّعورية حيث يتزامن هذا الشعور مع الإرهاب الفكري للمواطن العربي نظرا  للتغييرات الفكرية  المعاصرة في وطن الشاعر والوطن العربي والمجتمع العالمي  . فهناك سيطرة تامة من المجتمع الدّولي على الساحة العربية والإسلاميّة لقمع
النخوة والشهامة والتعاطف مع القضية الفلسطينية ..ونشر للفكر الغربي الاستعماري بشتى الوسائل والطرق.

هذا الجهد المتواضع هديّة قيّمة لك أديبنا
الكبير إبراهيم ذيب سليمان.  
ألف شكر أديبتنا الراقية همسة عتاب وأديبنا الفذ أشرف سعد لهذا التوجيه من قبلكم  ..
كما أني لا أنسى شكر اديبتنا الفاضلة همسة عتاب على تصميم شعار المنشور .
كان معكم :
                  خولة رمضان
ضمن فعاليات وبرامج مجلة همسات فوق أوراق الصمت .
  ألف شكر وتقدير  لكل المتابعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق