نقد بشري العدلي
بسم الله الرحمن الرحيم
★★★★★★★★★★★★★
الرؤية النّقدية المقدّمة من قِبَلي خولة رمضان لقصيدة شاعر يرثي نفسه عبر برنامج قصيدة وتأملات
ناقد ....
للأديب المتألق الشاعر المصري
بشري العدلي محمد
★★★★★★★★★
إلى عشاق النّقد وما يتعلق به
اخترنا لكم هذا الأسبوع
قصيدة { شاعر يرثي نفسه }
للأديب الشاعر المصري المتألق :
بشري العدلي محمد
لمحة عن حياته كما كتبها الشاعر
#############
السّيرة الذّاتيّة
-الشّاعر بشري العدلي محمد من مواليد قرية طنامل الشرقي -أجا-دقهلية.
-معلم اللغة العربية بدولة الكويت .
-حصل علي المعلم المثالي علي مستوي دولة الكويت.
-صدر له أربعة دواوين (أحلام البنفسج ،فجر الصدي - ظلال الخوف - طائر الشوق)
-عضو ذهبي باتحاد الإعلاميين العرب ٢٠١٥
-صحفي بجريدة مصر الحرة
-مسؤول القسم الأدبي بجريدة المستقبل العربي بالقاهرة.
-عضو مجلس إدارة شعلة الإبداع العربي ومدير تحرير المجلة .
-له العديد من القصائد والمقالات المنشورة بالصحف الكويتية (الرأي العام ، السياسة )وجريدة الأهرام الكندية الإلكترونية.
-له العديد من القصائد المنشورة في مجلة رابطة كتاب والأدباء العرب ومجلة سهر الليالي وجريدة الشروق الأدبية وجريدة الشعر والشعراء وجريدة البداية الجديدة .
- له العديد من اللقاءات التليفزيونية في مصر والكويت .
وإليكم الرؤية المبسطة وما يختبئ وراء الرؤية من ظلال وانعكاسات .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أعزائي المتابعين
أضع بين أيديكم هذه الدراسة النّقدية بعنوان : ماوراء النقد
الموجهة من قبلي خولة رمضان لأديبنا الراقي الشاعر بشري العدلي .
إليكم القصيدة :
★★★★★★
قصيدة ( شاعر يرثي نفسه )
بقلم / بشري العدلي محمد
١_ الآن أكتبُ لوعتي وعذابي
هذا رثائي معشرَ الأصحابِ
٢- قد عشتُ عمري ضائعا ومضيَّعا
ومحتٔ دموعي أسطري وكتابي
٣- ومضيتُ في لجّ الهوى وحسبتُه
نورا يهلُّ عليَّ في محرابي
٤- هذا وداعٌ ياجميعَ أحبتي
فتذكّروا حبّي لكم أحبابي
٥ -مازلتُ أذكرُ كلّ حبِّ طفولتي
وكذا صبايا مرَّ مثلَ سرابِ
٦_ضيّعتُ أغلى ماعرفتُ بلاهدى
ضيّعتُ أحلامي وورد شبابي
٧_ والآنَ أكتبُ والدّموع تهزُّني
هل تشعرون بحسرتي وبما بي؟
٨ _أنا تائهً حتّى النّهاية إخوتي
كالشاةِ تحيا في قطيع ذئابِ
٩_ وتبيعني الأحزانُ مثلَ بضاعة
والشّؤم يجثو داخلي كغرابِ
١٠- وأسيرُ من همّ لحزنٍ دائم
فأنا الغريبُ ورائدُ الأغرابِ
١١- خمسون عاماً تائها بصبابتي
لاتحزنوا من حُرقتي ومُصابي
١٢- وحدي أسيرُ على دموعي باكيا
ولسانُ حالي تاهَ منه خطابي
١٣- ياحسرتي ماعدتُ أعرفُ من أنا
فأنا ترابٌ ضائعٌ بترابِ
الشّكل البصري للنّص والمعنون بعنوان :
شاعر يرثي نفسه
جاء النّص على هيئةالشّعر العمودي
بشكل أشطر ، وكل بيت من شطرين صدر وعجز .
وكل شطر مكوّن من ثلاث تفعيلات
على وزن بحر الكامل .
متفاعلن ، متفاعلن ، متفاعل
متفاعلن ، متفاعلن ، متفاعل
وقد لجا الشاعر للتفعيلة الرئيسة مُتٙفاعلن
وللتفعيلة الفرعية متٔفاعلن
وكذلك لجأ للتفعيلات متٔفاعل ، ومتٙفاعل
القصيدة متقنة الوزن ولا يعيبها ايّ خلل .
وقد أتقن الشاعر النّظم على تفعيلات وموسيقى البحر الكامل .
نص وجداني إنساني عاطفي رومانسي
يحملُ أبعادا إنسانية اجتماعية ودينية وفلسفية .
العنوان :
جاء العنوان على هيئة جملة اسمية
تقدّم الفاعل على الفعل والمفعول به
فأصبحت الجملة مبدوءة بالاسم شاعر .
والجملة الفعلية في محل رفع خبر للمبتدأ .
وما يهمُّني فقط سبب التّقديم .
بلاغيا يرى البلاغيون أنّ تقديم ما يجب ان يتأخر هو لأغراض بلاغية .
فهذا التّقديم سببه الأهمية التشويق
هذا الاسم (شاعر )جاء نكرة والنّكرة لا يجوز الابتداء بها إلا لأسباب بلاغية او مسوّغات ورد ذكرها في مراجع النّحو .
لاحظوا التشويق الذي يحدث حين النّطق بكلمة شاعر ، والسكوت عليها .
يدور في النفس تساؤلات شتى عن أمر هذا الشاعر فتاتي الجملة الفعلية ردّا مناسبا وخبرا يجلو غموض النكرة .
وهنا عنصر المفاجأة حينما ندرك أنّ الشّاعر
عمدَ في قصيدته إلى رثاء نفسه.
فما هي النّفس ؟
النّفس هي الروح في قوله تعالى:
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران: 145].
يريد الأرواح . وقد ورد في التفسير أنها الجسد وما يحمل من مقومات الحياة .
لأن الرووح تخرج ولا تموت ولكنها تفارق الجسد .
وقد وردت في القرآن الكريم بعدة مفاهيم أخرى لا مجال لذكرها.
أما لغويا فقد وردت النّفس بعدة مفاهيم وأهمُّها : الذّات وهي الشخصية البشرية
بكامل مفوماتها.
وهذا الرأي الغالب عند علماء النّفس والفلسفة .
أجاد الشاعر جلاء الغموض عن كلمة شاعر حينما أخبر عنها بالجملة الفعلية
(يرثي نفسه . )
فما هو الرثاء؟
هو أحد أغراض الشّعر الرئيسة ويعني :
ذكر خصال الميّت ومحاسنه شعرا أو نثرا .
وهناك انواع للرثاء أهمها رثاء الشخصية الإنسانية ورثاء الممالك والدُّول . ورثاء النّفس وهي حيّة على اعتبارها ميتة لا محالة .
أما الدوافع الكامنة وراء رثاء النّفس فهي
مشاعر الحزن والفراق والحنين والاغتراب .
والمرض ودنوّ الأجل .
ومن الأمثلة على رثاء النّفس مرثية مالك بن الريّب حينما لدغته أفعى في الصحراءفرثى نفسه اثناء شعوره بدنو أجله فجاءت قصيدته في رثاء النّفس من أجمل وأصدق المراثي للنّفس .
______________
الأفكار :
ماذا يريد أن يقول شاعرنا ؟
ما الذي يدور بخلَده ؟
ما المعاناة الإنسانية التي تعتريه ؟
لم يرثي نفسه ؟
هل يشعر كل لحظة باقتراب ناقوس الخطر ؟
أين مربط الفرس ؟
أستطيع أن أردُّ على تساؤلاتي أيها المتابعون من بين ثنايا أبيات شاعرنا الفاضل ؟
فشاعرنا يرثي نفسه المعذّبة الملتاعة ، يريد ان يوجه رسالته للبشرية جمعاء من خلال مخاطبة أصحابه ..
فقال في هذا المعنى :
1-الآن أكتب لوعتي وعذابي
هذا رثائي معشرَ الأصحابِ
٢- قد عشتُ عمري ضائعا ومضيُّعا
ومحتٔ دموعي أسطري وكتابي؟
يشعر أديبنا بانقضاء عهد الشباب وضياع الحبّ والهوى على مذبح من الحسرة والنّدامة وتأتي دموعه التي تمحو السُّطور
وتمحو كل ما سيطر على عواطفه الجياشة من حبّ طفوليّ وحبّ أيام الصّبا والشّباب، هنا التّحول الكامن في جوانب الشّخصية .
وفي مجمل العواطف المرافقة لهذا التحول .
فقال في هذا المعنى :
٣- ومضيتُ في لجّ الهوى وحسبته
نورا يهلُّ عليَّ في محرابي
٤- هذا وداع ياجميعَ أحبتي
فتذكروا حبّي لكم أحبابي
٥ -مازلتُ أذكرُ كلّ حبّ طفولتي
وكذا صبايا مرَّ مثل سرابِ
٦_ضيّعتُ أغلى ماعرفتُ بلاهدى
ضيّعت أحلامي وورد شبابي
٧_ والآن أكتبُ والدّموع تهزني
هل تشعرون بحسرتي وبما بي
تجتاح الشاعر ثورة على ما مضى من عهد الطُّفولة والصّبا والشّباب .
فكيف ظهرت هذه الثّورة ؟
ظهرت من خلال ألفاظ تدل على التّراجع
والنّدم والحسرة على ما فات .
اعترف الشاعر بمجمل معانيه الواردة أنّه ضيّع عمره وأصبح مضيّٙعا لا يملك الا الدُّموع عساها تمحو ما تقادم من أخطاء قادته في لجّ الهوى، فهل هذا الهوى دنيوي ؟
هل يستطيع شاعرنا أن ينسى حب الصّحب والخلّان ؟
وهل التّحول في شخصيته ينسف كل
ماضيه ؟
لا شك أنّ شاعرنا يشعر بدنو الأجل ويشعر انه ربما لن يرى أحبابه وأصحابه فيودّعهم بقوله :
هذا وداع يا جميع أحبتي
فتذكّروا حبّي لكم أحبابي
لكن هل تخلّى الشّاعر عن كل ماضيه ؟
رغم أنه ما زال يذكر أيام طفولته
وصباه وشبابه إلا انه يشعر بضياع حياته على غير هدى ، ضاعت منه احلامه وشبابه ، ليس لديه من سبيل إلا البكاء مخاطبا أحبابه أن يشعروا بحاله وحسرته وندمه . فقال :
والآن أكتب والدموع تهزّني
. هل تشعرون بحسرتي وما بي ؟
الشّاعر في موقف اعتراف بالذّنب ويريد ان يوجّه خطابه الإنساني لمن يهمه أمرهم ليتعظوا من تجربته .
إذن قصيدته إنسانية في عواطفها لم يتخير قوم بعينه او دين بعينه ، فهو كإنسان يعلم
أنّ النّهاية في طريقها للجميع ، وهو يوجّه
خطابه للأصحاب والأحباب ليحملوا عنه رسالة موجهة للإنسانية جمعاء.
وقد اعتبر الدّموع كالزلزال يحرّك جميع وجدانياته المختزلة لتعود أدراجها إلى سطح
قصيدِهِ فتٙعبرُ عبر الكلمات إلى مدارج الشّعر وسطوره فيلتقطها القارئ يلّوح بها نادما كما حصل مع الشّاعر . معتبرا ومتّعظا مما حصل مع الشاعر من اعتراف بالخطأ في إضاعة اجمل أيام الشّباب في اللّهو وعدم معرفة الغاية من الحياة .
ولكن شاعرنا ما زال تائها حتى في لحظة
شعوره بدنو أجله .
اضطّر الشّاعر أن يشبّه نفسه بالشّاة التي تحيا في قطيع ذئاب .
وشبه مشاعر الشؤم التي اجتاحته بغراب يجثو في داخله .
هل هذا تشاؤم شاعرنا ،؟ ام هو شعور مؤقت ؟
أم حالة دائمة تنعكس على حياتك وسلوكك
المعيشي ؟ أم مجرد لحظة عابرة تسيطر حينما واجهتك مصاعب الحياة وأحزانها نظرا لظرف طارئ عشته .
يجيبنا الشاعر بأنه في هم دائم وحزن مستمر وليس طارئا ، فالأحزان تشبه التاجر
تبيعه كالبضاعة ، وهو في هموم واحزان لا تنقطع ، فهو غريب وقائد الأغراب .
فقال في هذا المعنى :
٨ _أنا تائه حتى النّهاية إخوتي
كالشاةِ تحيا في قطيع ذئابِ
٩_ وتبيعني الأحزان مثل بضاعة
والشؤم يجثو داخلي كغرابِ
١٠- وأسير من هم لحزن دائمٍ
فأنا الغريب وقائد الأغراب
لم يا ترى هذا الشعور بالغربة ؟
هل لأنه عاش غربة عن وطنه الحقيقي
أم لأنه أضاع حياته في لجج الهوى دون أن يشعر بقيمة الحياة وهدفها الحقيقي ؟
ويأتي الجواب من الشاعر بأنه ابن الخمسينات ، تاه وراء الهوى الدنيوي والآن داهمه الوقت ، وأصبح وحده يعيش حالة من التفرُّد العاطفي ، فشعوره بان تجارة الدُّنيا خاسرة ، فكيف يستقبل آخرته ،؟
هنا صراع عاطفي ، وانكفاء نحو الذّات والنّفس الخاسرة ، فلم يبق لديه إلا دموعا يسكبها وبعثرة كلمات لا ترقى لمستوى خطاب موجه لذاته الممزقة بين الماضي والحاضر ، فما فات من وقت لن يعود ، هيهات ان يلملم أشلاءه الممزقة !!
فقد لازمته حسرة دائمة أضاع معها ذاته
وكأنما هو من قاد نفسه للهلاك ، وهذه النّفس التّائهة تستحق الرثاء ، وتستحق أن تُعدّ في عداد الأموات ، فهي تراب في تراب . فقال في هذا المعنى :
١١- خمسون عاماً تائها بصبابتي
لاتحزنوا من حرقتي ومصابي
١٢- وحدي أسير على دموعي باكيا
ولسان حالي تاه منه خطابي
١٣- ياحسرتي ماعدتُ أعرفُ من أنا
فأنا ترابٌ ضائع بترابِ
★★★★★★★★★★★★★★★
البؤره الثابته في النص :
الشّكوى من مصير محتّم ، بدأ الموت شاخصا أمامه بتقادم عمره الخمسيني .
النّدم يعتصرُ فؤاده ، لأنه أضاع عمره وصباه وشبابه ، فلا بدّ من الوداع على مائدة الحسرة واللّوعة .
وإن جاز لي التّعبير فالشاعر يرثي وقته
الذي ضاع ، دون وعي ودون أن يحصلَ على سعادته المطلوبة .
البؤرة المتحولة :
★★★★★★
وصول الشاعر للتيه وعدم القدرة على تمييز حقيقتة .
ويأتي الجواب أنّه تراب في تراب فقال في هذا المعنى :
١١- خمسون عاماً تائها بصبابتي
لاتحزنوا من حرقتي ومصابي
١٢- وحدي أسير على دموعي باكيا
ولسان حالي تاه منه خطابي
١٣- ياحسرتي ماعدت أعرف من أنا
فأنا ترابٌ ضائع بترابِ
وقد اشتعلت في قلب الشاعر وجدانيات الشّعور بالذّنب ، فيصل لهيب النّدم إلى كل جوارحه . لم يعد يملك القدرة على التّعبير
فقد هجم الموتُ كما تخيّله ليختطفه في لحظات النّدم لينهي حيرته ويتحكم به
من أجل مصيره المحتوم فقد خلق من تراب وها هو يعود للتراب .
العواطف والخيال :
★★★★★★★★★
سيطرت على الشاعر عاطفة الشّعور بالذّنب
فتملكته عاطفة الحسرة والنّدامة . وعاطفة الحزن والاغتراب والحسرة . كل هذه العواطف دفعته لرثاء نفسه وجعلته يقدّمُ اعترافا ظاهرا وليس مخفيّا بأنه أضاع عمره
ولم يشعر بأخطائه إلا في عمره الخمسيني .
فما الذي قاده لكلّ هذه العواطف الإيجابية في غايتها والسلبيُة في تأثيرها النفسيّ ؟
والأصل أن يصلح شأن نفسه بعد كل هذا النّدم . ولكنه بدل أن يصلح نفسه قادها للبعثرة والتيه فوجد الرثاء طريقه إلى نفسه
ليكفّر عما أضاع من عمره.
ولكن حقيقة هو لم يرثي نفسه بذكر محاسنه
التي يفترض أن تُذكر ، لأن الرثاء للميّت بذكر محاسنه ومديحه ، أما من يرثي نفسه فلا يمكن أن يلجأ إلى المديح وذكر المحاسن لكنه لجأ لرثاء وقته وعمره الضائع فقال في هذا المعنى :
6- ضيّعت أغلى ما عرفتُ بلا هدى
ضيّعت أحلامي وورد شبابي
فجاء خياله معينا في وصف حالة البعثرة
النفسية التي يعيشها .
ومن الأمثلة على خياله الذي يخدم الفكرة :
تشبيه نفسه بالبضاعة التي تبيعها الأحزان
ممّا قاده إلى تشخيص الشؤم وجعله كغراب
يجثو داخله . فقال في في هذا المعنى :
٩_ وتبيعني الأحزان مثل بضاعة
والشؤم يجثو داخلي كغرابِ
وهي صورة فنية واقعية ، فيها تشخيص وتمثيل .
وقد شبه أيضا نفسه التائهة بالشاة تحيا
في قطيع ذئاب .
فمن هم قطيع الذئاب ؟
لا شك أنّها إشارة للسلوك المجتمعي العام
فالناس من حوله يعيشون في مستنقع من الآثام والحقد . وهو بينهم حمل وديع لم
يتحمّل أن يجاريهم في سلوكهم ، لأن عنده
ثوابت من القيم الدينية والمعتقدات الراسخة والأخلاق الحميدة . فقال في هذا المعنى :
٨ _أنا تائه حتى النّهاية إخوتي
كالشاةِ تحيا في قطيع ذئابِ
استطاع الشّاعر أن يجسّد قضيته الأساسية
ويطلعنا على نفسيته المتحوّلة من خلال
صوره الشعرية التي اعتمد فيها على التشخيص المبكر لحالته النفسيّة فهل قدّم لها العلاج المناسب لتعود أدراجها إلى السلوك الصحيح ؟
في رأيي كناقدة لم يقدم الشّاعر تصحيحا
لسلوكه لأن التيه هو نهاية المطاف وهو ليس حلّا شافيا لمن يشعر بالنّدم ، بل يأتي الحل
عادة بالتحويل الجذري وعدم البقاء في محطة الندم والتوهان .
هيا انطلق شاعرنا لتقدم لنا قصيدة جديدة تتبع هذه القصيدة تصف بها ما فعلت بعد النّدم ، وتوحي بالتّغيّر الفعلي .
لا شكّ أن اللجوء للرثاء يعني أنّ الشاعر افترضَ موته ، وحكم على نفسه بالفناء قبل أن يحين وقت الفناء.
شعور بالنّدم هو نقطة البداية لنهج جديد
مختلف عمّا مضى ، الشعور بالحزن الدائم
ليس حلا ، بل حكم على النفس بالموت
في الحياة .
الأعمار مقدرة ، والخمسون التي وصلت إليها
ليست النهاية . بل بداية جديدة لعمر جديد مكلّل بالسلوك الإيجابي الذي يرافق التحول
ّفي الشخصيّة الملتزمة دينيا وأخلاقيا .
أخيرا وليس آخرا :
-------------
أشكر شاعرنا المتألق بشري العدلي محمد
وادعوه للانطلاق في قطار الحياة وعدم المكوث في محطات وداع النّفس.
كانت قصيدة رائعة تفيض عذوبة ورومانسية واضحة ، تدخل إلى قلب المتلقّي بكل بساطة . موضوعها جميل رغم
الكلمات السلبية التي داهمتنا أثناء القراءة
ولكنها سلبية موجهة للخير والإصلاح والمكوث في جو روحاني يكشف حقيقة الإنسان واقترابه من النّهاية في كل لحظة يعيشها .
سبحان الله الذي جعل لكل أجل كتاب ، وما نحن إلا أسراب أرواح تأنس للخير الذي فُطرنا عليه رغم جنوح الإنسان للشرّ، منذ عهد قابيل . إلا أن الوازع الديني والإنساني
يطغى على النّفس المؤمنة بالنّهاية الحتمية .
توصلنا الى أنّها قصيدة من الشّعر العمودي
ذات عاطفة إنسانية وجدانية نفسية .وتبدو فيها التّجربة الشُّعورية مع الروابط الدينية واضحة جليّة .
وهي تشير للمعاني الفلسفية لكن بلا وضوح
رغم أني لم اتطرق للمعاني الفلسفية التي
لمّح إليها الشاعر دون قصد منه وخصوصا في خاتمة القصيدة .
وإلى لقاء في قصيدة جديدة .
نستودعكم الله ودمتم طيبين
برعاية مجلة همسات فوق اوراق الصمت
مجلة الرقي والثقافة والأدب .
تحياتي شاعرنا الفاضل ا. وشاعرنا القدير بشري العدلي محمد .
أشكرك اديبنا الفاضل أ. أشرف سعد المنسق العام للبرامج الثقافية .
ألف شكر وتقدير أديبتنا الألقة همسة عتاب مشرفة البرامج الثقافية في مجلة همسات فوق أوراق الصمت .
تحياتي لكل الإداريين بالمجلّة .
مع أجمل التّحيات لكلّ المتابعين
بقلمي خولة رمضان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق