بحمد الله ورعايته فازت قصتي بالمركز الأول في مجلة روائع الفكر الإبداعية وهي تروي حكاية أحد أبطال حرب أكتوبر الشهيد محمد زرد ....
قصة حقيقية
ألف شكر مجلة روائع الفكر بإدارة
الشاعر عاطف عبد الله .الى مزيد من التقدم والعطاء...
خط بارليف
خاص بمسابقة روائع الفكر
قصة قصيرة
قصة أحد ابطال حرب اكتوبر محمد زرد
قصة قصيرة
بعنوان : فوهة الحصن
لا يغفو رغم قواه الخارقة النادرة فمنذ صغره نشأ في أحضان والده الذي اهتم بتدريبه في نادي رياضي ... رجل يتحدى المستحيل ، يقف على أبواب حلمه بيقظة تامه ...يعاف النوم وهو يفكرفي حدث هام لا بدّ أن يطوي حياته ..
يتخيل نفسه وقد حطم أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر وفق أقوال الطغاة ...وما أن تخرّج من الكلية الحربية حتى أصبح قائدا لفرقة اللواء الحربية المصرية .. فاكتمل حلم حياته بإتاحة الفرصة له ليكون في قافلة الفداء والتحرير .....
يجلس في ثكنته العسكرية متأملا ما مضى من عمره الفائت .. ويغفو على قصص البطولة التي رواها له والده الخمسيني
تتعلق عيناه بمشهد والده وهو يقوده
بيده إلى المسجد لتأدية الصلاة في وقتها....
يغفو ليجد نفسه في أحضان أمه الرؤوم
تسبغ عليه من حنانها أنهارا ...يتعلّق قلبه
ببوح فريد تتمتم به شفتاها حبا وعطفا ..
نام وهو يدوّن رسالة شوق للقاءقريب مع والديه وأسرته... ثم تغفو عيناه قليلا ويرجع لمتابعة تدوين الرسالة وما أن غطّ في نومه. حتى جاءه الطارق ليخبره بأهمية حضوره لاجتماع طارئ مع رئيس القوات الحربية المصرية ..
لم ينس كلام معلمه في المرحلة الثانوية
وهو يقول له : إنك درّة ثمينة يا ولدي
فابحث عن الدّرة في نفسك ...ابحث عمّا
يجعلك في مصافّ الخالدين .
وجد نفسه يبحث عن تلك الدرّة في أعماقه فتبدو لعينيه ساحرة مبهرة يتشوق لرؤيتها حقيقة ويطمح لتفعيلها .
انتظر قطار الشوق الذي يحمله إلى منتهى
أمنياته وعذوبة توقعاته ...
تمت ترقيته عدة مرات بسرعة فائقة حتى أصبح بفضل شجاعته قائدا لفرقة باسلة في تاريخ حرب أكتوبر ..
لن تهزم أحلامه فهو يطمح بالمزيد. ...قفز قطار عمره بسرعة وهو يخوض التجربة في القوات الحربية الخاصة .
قال له صديق طفولته وصباه وشبابه :
أراك تتمتع بحيوية وشجاعة منقطعة النظير فنحن غدا على موعد مع النصر بإذن الله .
بعد منتصف اللّيل استعد الجيش المصري والسوري بالتزامن معا للهجوم المباشر في جبهتين متساويتين .. وكان هدف القوات المصرية تحطيم أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر كما أشاعت المخابرات الإسرائيلية كنوع من الحرب النفسية .. استعدت فرقته في اليوم التالي. لتنفيذ ما اتفق علية مع الرئيس ...
الرئيس : غدا ستكون ليلة الاحتفال بعيد الغفران في تل أبيب ....
محمد زرد : أفهمك سيدي نحن على استعداد
لقلب الأرض وهم مخمورون بعد سهرهم
للاحتفال بعيدهم ...
الرئيس : فهمتني بسرعة القائد محمد زرد
سننفذ خطتنا قبل صحوتهم ...
خرج محمد زرد وقد اشتعل حماسا وثورة
واستجاب له أفراد فرقته الحربية وبدأت فرقة محمد زرد تمشط الموقع بنسف الأرض بالمتفجرات وتساندها الطائرات الحربية
بإلقاء الصوريخ التي تفجر الأرض وتصدّعها فتنهار الشبكة الفولاذية من تحت الأرض وتتراكم البقايا يمينا ويسارا ..
ويتوافد الأبطال لرفع الرايات على الأماكن المحررة , ترتفع الأعلام المصرية على كل ثكنة محررة......
تفاجأ العدو الصهيوني بهذا الهجوم فقد كان غير مستعد....وكان منشغلا بالسكر وإقامة التعاويذ الكاذبة ... ثم غفا مخمورا وفاقدا للوعي ..
كان قادة الجيش الإسرائيلي في تلك المرحلة الحاسمة مطمئنين مرتاحي البال وقد أيقنوا من تحصين خط بارليف بالشبكات الفولاذية والجسور الحديدية ..
وبعد هذه الأهداف التي حققها الجيش المصري وبأسرع مما يتخيل العقل البشري
بقي هناك نقطة واحدة من خط بارليف لم تستجب للتفجيرات وقد استعصت على القوات المصرية ...
وارتفعت الأعلام على كل المناطق المحررة إلا هذا المكان الذي أعلن الجموح والعصيان وتنكر لكل المحاولات ... ولم تنفع كل الجهود .
وفجأة وقف البطل محمد زرد متحديا هذه
النقطة المحصنة وتذكر كلام أستاذه حينما
قال له أنت درة نفيسة يا ولدي.... .. وبدأ بالبحث عن الدرة النفيسة في ذاته..أيقظ في ضميره نوارع الخير لوطنه .. وفتح بابا من نوازع الشر للعدو الغاصب .
وبدأ يصارع ذاته ويستخرج مقومات البطولة من أعماقه ... يتحدى العجز والفتور ويؤكد لنفسه أن ليس هناك شيئا مستحيلا ...
كانت النقطة التي استعصت على الجيش المصري محصنة بطريقة فريدة وقوية ويبدو أنها كانت مخصصة لقيادات إسرائيلية معينة .. عانت المجموعات الحربية المصرية المرار واليأس وهي تكرر الهجوم والقصف بلا فائدة تذكر ...
.. كان لهذه النقطة فثحة ضيقة للتهوية
ولها باب صغير تعلوه فوهة أيضا
وكان يقلق المجموعة المكلفة بالتعامل مع هذا الحصن قوة الشبكة الفولاذية التي تدعم هذا الحصن من الداخل ...
وبعد هذا التّحدي لذاته قرر محمد زرد أن يكون الأقوى من بين الجميع ... خاطب الجنود قائلا :
ارتقبوني على الجانب الآخر من الحصن
وقفز بما يتحزّم به من قنابل إلى فتحة التهوبة التي تعلو الحصن .
تابع ==========
ويبدو أنّ الجيش الإسرائيلي قد فاق من غفلته وتيقظ لما يحصل وهو مستنكر ومندهش .. .بدأ بالتفاعل مع الحدث لكن بعد فوات الأوان .
فأمطر القوات المصرية بالقذائف وشتى الوسائل المتاحة ... ولكنه لم يتمكن من الوصول لمحمد زرد .. فقد كان أسرع من ء البرق ودلف بجسمه إلى فتحة
التهوية وفجر الحصن من الداخل بما يحمل من قنابل .
وما هى إلا ثوان معدوده وإذا بباب الحصن يفتح من الداخل ويخرج منه البطل محمد زرد ورغم الدماءوالتمزق الذي حصل بيده اليمنى إلا أنه ضغط بيده اليسرى على باب الحصن لاستكمال فتحه ... ...
كان هذا آخر عمل قام به ... هذا البطل
الملهم الذي جاء على موعد مع هذا العمل البطولي ّ العسكري ...
كتبت الصحف المصرية والعالمية كيف
تم تطهير آخر حصون خط بارليف .. ونال
محمد زرد شرف الشهادة ,وشرف تطهير آخر نقطة من خط بارليف حينما استحضر الدّرر النفيسة التي كانت في اعماقه .....
رفعه أصحابه على الأكتاف مكبرين وأوصلوه إلى العلم ليلمسه بيده اليسرى .
عمل محمد على استنطاق الشجاعة وحب الاستشهاد في سبيل الله ..
وكتبت الصحف المصرية تنعاه وتنشر آخر رسالة كتبها لوالديه في ليلةاستشهاده...بكت عيون الأمهات في مصر في ذات اللحظة التي صدرت فيها الصحيفة الصباحية ...
وكانت والدته تتابع الخبر بفخر كبير منقطع النظير ، وتزغرد تلك الزغرودة التي تزلزل كيان الغاصب ، ويعلو صوت والده وزوجته وأولاده وهم يقرؤون رسالته التي دونها في ليلة التحرير والتطهير كأجمل نص وطني يدرّس في مناهج الدّراسة المتوسطة …
وقف ابنه زياد يقرأ نص الرسالة التي سُجّلت
في المناهج بكل فخر ويقول لزملائه : هذه رسالة أبي الشهيد محمد زرد ..
عاهدوني أن نكون مثله ... فيرددون معا وبصوت واحد : كلنا محمد زرد ...
قصة قصيرة / بقلمي خولة رمضان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق