الأحد، 13 يناير 2019

نقد بقلمي خولة رمضان للشاعر السوري أسامة الشيخ

بسم الله الرحمن الرحيم
   الرؤية النقدية  المقدمة
من قبلي : خوله رمضان  لقصيدة
( لم يعد في القلب  )  عبر برنامج في ظلال النّقد  ....
          للأديب المتألق الشاعر السوري
          ‏أسامة الشيخ .
        إلى عشاق النقد
نجوم لمعوا في سماء { همسات فوق أوراق الصمت }
واسعدونا براقي حروفهم
وأبهرونا بزخات أقلامهم
فوجب علينا أن نهديهم إهداء شرفيا يليق بهم وهي رؤية لما أبدعوا من سحر القصيد
اخترنا لكم هذا الأسبوع
مقطوعة شعرية   {  لم يعد في القلب }
للأديب الشاعر السوري أسامة الشيخ.
وإليكم الرؤية النقدية المبسطة وما يختبئ وراءها من ظلال وانعكاسات .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

تحية إكبار وإجلال
من منبر  مجلة همسات فوق أوراق الصمت
مجلة الأدب والفكر والثقافة أحييكم أجمل
تحية وأضع بين أيديكم هذه الدراسة  بعنوان  : ( في ظلال النقد )
الموجهه من قبلي خولة رمضان لنص الراقي الأديب الشاعر
أسامة الشيخ بعنوان :
   ( لم يعد في القلب  ) .. 

لمحة عن حياة الشاعر كما كتب عن نفسه .
الاسم أسامه الشيخ أعمل  معلم صف .
محافظة حماه
منطقة الغاب
منطقتي مدمره بالكامل وأهلها نازحون يسكنون خيام النزوح .
معلم مدرسه احمل اجازه بالتربيه
الوضع الاجتماعي متزوج ولي اربعة اولاد
وست بنات .
الوضع الأدبي:  لديّ مايقارب 250 قصيده
جلها كتبتها بعد الأحداث التي جرت في سوريا تروي مراره الحياة وألم الأحداث والمواقف الصعبه التي يمربها كل من كوته نار الحرب ومآسيها .
عمري 56 عاما عندي ملتقى شعري باسم شعراء الألم والأمل .فيه مجموعه كبيره من الشعراء الذين فجر الألم والمأساة موهبة الشعر لديهم وقبل الأحداث قليلا ماكتبوا شعرا.

إليكم  المقطوعة الشعرية  :

لم يعد في القلب/أسامة الشيخ …………………………

١- لم يعد في القلب نبض للهوى

فدموعي اشعلت....  نار الجوى

٢- سافرت افراح روحي ....ياأخي

وطني يبكي.. ونبراسي.. هوى

٣- وانا مابين.. ..  بينٍ ....اشتكي

لم يعد للهمس ذاك ...المحتوى

٤- لا تقل ضاع الهوى ......يامنيتي

ضاعت الدنيا وطارت في الهوى

٥-؛سرق الأغراب…..  مني…  لغتي

دمروا..  بيتي.  وأفكاري سوى

٦- زوّرا التّاريخ.  .… .بثّوا.. فتنةً

قتلوا ....الحّلم..بقلبي. فثوى

٧- عتمتٔ شمسي وثارت في دمي

نار حقدي فدعتني……..  للغوى

٨- يا زمانَ الغدر كم لوّعتني
            
في ضفاف النّهر بستاني ذوى

الرؤية البصرية للنّص :
_______________

قصيدة من الشعر العمودي ، والمعنونة :
( لم يعد في القلب ) كتبت بشكل أشطر ، في كل بيت شطران وجاءت القصيدة على بحر الرّمل  ، والرّمل مفتاحة :
رمل الأبحر ترويه الثقات
فاعلاتن فاعلاتن فاعلات
لجأ الشاعر لثلاث تفعيلات في كل شطر
فچاءت القصيدة موزونة على بحر الرمل .
لجأ الشاعر للتفعيلة الرئيسة فاعلاتن  ووردت التفعيلة الفرعية فعِلاتن ..
وفاعلا في الضرب  .

والملاحظ أن الشاعر لجأ للحذف في
تفعيلة الضرب،  فعروض الرمل التام محذوفة دائماً، وبهذا تصير (فاعلاتن) (فاعلا).
أتقن الشّاعر وزن القصيدة ولم يخرج عن التفعيلات الصحيحة للبحر .

العنوان :
نبدأ من العنوان وهو ( لم يعد في القلب )
جملة فعلية مبدوءة بالنفي باداة النفي لم .
فما هو الشيء الذي فقده الشاعر أو من هم
المعنيون بالفقد .
فهل المفقود من القلب هو من غاب عن العين كما يذكر المثل الشعبي .. ؟ أم ماذا ؟
وهل يفارق القلب شيء من خصوصياته
المادية ؟
‏بلا شك أن من يفارق القلب هو خصوصياته
‏المعنوية ، فالنبض ملازم للقلب . وضخ الدم
‏شيء مؤكد .. فالقلب محور الجسم واللبنة الرئيسة فيه . وكل مستلزماته مقدرة ليستمر الكائن بالحركة والنشاط .
‏أما حينما يفقد القلب النبض فإما الموت الحقيقي ‏أو الموت المعنوي.
‏ونلاحظ كيف ارتبط النّبض بالمعنويات
‏البشرية والأدب .
‏فأغلب الأدباء والشعراء استخدموا النّبض على سبيل المجاز واعتبروا الأحاسيس مركزها
‏القلب  وحينما ينفي الشاعر  بقاءالنبض في القلب فهذا يعني مجازا التّعب والانهزام
‏والتعاسة والحزن وغيرها من المشاعر البشرية ...
نستطيع من البيت الأول لشاعرنا أسامة الشيخ أن نفهم القضية الأساسية التي يختزلها العنوان .
فهو ينفي وجود النّبض للهوى ، يعيش حالة الحزن الذي يرافقها الدموع وعذاب البعد وحرقة الحرمان .
نقلنا الشاعر منذ البيت الثاني لمعرفة سبب
الحزن والدموع ، إنه الوطن الذبيح .
إنها المعاناة الحقيقية التي أراد إيصالها عبر تراسل حواسه بين النّبض والحواس .
تلك المأساة هي المحور الأساسي ، ما حصل
للوطن من معاناة بفقده للأهل والأحبة
كان سببا في حصول المأساة  .
عنوان المقطوعة الشعرية مشوّقّ لأنه اختزل
المعنى الكبير الذي تدور حوله القصيدة فجاء
دعوة لكل القرّاء للنّظر في مرامي النّص
لمتابعة مأساة كبرى تعاني منها الأوطان والشّعوب المنكوبة ، كشعبنا العربي الذي
عاش خريف البؤس والشقاء.

الصورة الكليّة للنّص .
يدور النّص في دائرة المشاعر الإنسانية والوطنية .
نص وجداني وطني اجتماعي رمزي رومانسي يلمح للمآسي التي شملت الوطن
العربي برمته بغض النّظر عن الوطن الحقيقي للشّاعر ..

الأفكار العامّة  للقصيدة :
نص من الشعر الوجداني الوطني الإنساني  القومي بلمحة سياسية ..
حرص الشاعر فيه على إيصال عواطفه من خلال الكشف عن السلبيات المتعددة التي يراها على الصعيد : النفسي والمجتمعي والفكري  والإنساني .
نبدأ اولا بالصعيد النّفسي :
______________

   المعاناة الدائمة من فقد الوطن والأحبة والبكاء بسبب التهجير والحرمان من الحب مشكلة نفسية أولا تخصُّ مشاعر الشاعر ومجتمعه تخصُّ بيئة الشاعر ووطنه الذي دفن الحب مع الأبرياء ممن نعاهم الوطن .
وصل الأمر مع الشّاعر بأن رأى الأفراح تسافر من وطنه ..
   فارقت الأفراح روحه فصارت قضيته وطنية كبرى وجميع المواطنين مشتركون في مأساة يعاني منها الوطن .
فرأينا في النّص الوطن يبكي
صورة مجسمة لهول المأساة ، فقد لجأ الشّاعر للتشخيص والتجسيم ليظهر هول الفاجعة ، وهو نوع من المجاز المرسل
لبيان شمولية البكاء للمواطنين الذين يعيشون في الوطن وخارجه.
هوى المثل الأعلى في نظر الشاعر لأن
الوطن رمز للغالي والنفيس ، ورمز لكل العواطف الإنسانية التي تربط بين المواطن الشريف ووطنه .
فقال في هذا المعنى على الصعيد النفسي والمجتمعي والوطني  :
١- لم يعد في القلب نبض للهوى

فدموعي اشعلت....  نار الجوى

٢- سافرت افراح روحي ....ياأخي

وطني يبكي.. ونبراسي.. هوى
نلاحظ كيف عبّر الشاعر عن اضطرابه في مشاعره  الحقيقية  ولم يعد الهمس بمحتواه الجميل .
فهل يعاني الشاعر من غربة داخلية وضياع وتشتت  ؟
نعم والدّليل قوله :  وأنا ما بين بين
طرح الشاعر عواطفه أمام قراء قصيدته
ليعلم الجميع عظم المصيبة التي يعاني منها
لقد طرح الشاعر عواطفه على شاطى الحرمان فأصبح مهزوما بشعوره الوجداني الشفاف ، ولم يعد لهمسه صفات المحتوى السابق للعلاقة التبادلية بين الشاعر ووطنه.
وانعكست الظلال على الدنيا برُمُتها فضاعت الدنيا ثم صورها تطير في الهواء. 
فهل أتقن الشاعر تصوير انتقال المأساة الوطنية إلى الأرض بأكملها . ؟
نعم أشار للدنيا وشبهها بالكرة ، لقد انطلقت
الدّنيا كالكرة الطائرة .
من يخاطب الشّاعر ؟
بلا أدنى شك يخاطب القارئ الذي سيشاركه
المأساة فقال في هذا المعنى :

٣- وانا مابين.. ..  بينٍ ....اشتكي
         لم يعد للهمس ذاك ...المحتوى

٤- لا تقل ضاع الهوى ......يامنيتي
       ضاعت الدُّنيا وطارت في الهوى

هناك إشارة خفية للمعتدي  الذي افتعل المأساة وأشعل فتيل الحرب والفتنة .
فمن هو يا ترى ؟
من الذي اعتدى على اللُّغة ؟
من الذي دمر البيوت وهدم البنية التّحتية في سوريا  والوطن العربي ؟
من الذي امتدت يداه في الظلام فشتّت التفكير وبثّ السُّم الفكري ليعيش المواطن
بخوف مستمر من إظهار ردة فعله ضد  المعتدي الآثم ، ؟ من الذي أشاع الخوف
فحرم المواطن  من نشر أفكاره الوطنية وانتمائه لأمته .؟
نتساءل جميعا والإجابة عندكم يا سادة الفكر الحر .
وصل الأمر لتزوير التاريخ الحقيقي لأمته
بثوا الفتنة وخلقوا الطائفيات البغيضة
حتى وصل القتل للمعنويات ألا وهو الحلم
الذي بات ثقيلا على النفس ، فهوى الحلم  كدليل على بشاعة الأحلام التي تماثل الواقع المزري.
فقال في هذا المعنى :
٥-سرق الاغراب…..  مني…  لغتي
         دمروا..  بيتي.  وافكاري سوى

٦- زورا التاريخ.  .… .بثوا.. فتنةً
            قتلوا ....الحلم..بقلبي. فثوى
إنها إشارات واضحة للمؤامرات الدولية ضد القيم الثابتة في عروبتنا .
فما هو التاريخ ؟
إنه الموروث الثقافي والعلمي والمعرفي
إنه الحضارة الإسلامية والعربية على مرّ
العصور ..
لكن ما علاقة المواطن الشريف بما يدور من وراء الكواليس وتحت موائد المؤامرات الدّولية  كي تظهر المخططات تدريجيا في التّحولات السياسية والوطنية والاجتماعية لأمة من الأمم ؟
كم تسارعت الأحداث منذ نهاية عهد الدّولة العثمانية ، حيث أصبحنا أمة مشتتة مقسّمة
لدول يسهل تمزيقها .
وما يهمنا فقط في النّقد إلقاء الضوء على مشاعر اديب يمثل جلّ الأدباء الذين هجّروا عن مسقط رؤوسهم وأوطانهم .
اسمحوا لي أن أطلق عليه مصطلح  :
( أدب الشتات )ابتدأ منذ هجرة الشّعب الفلسطيني واستمر حتى شمل اغلب الوطن العربي بعد أحداث الربيع العربي إن جازت
‏التسمية .
‏ما تأثير هذه الأحداث على الأمة العربية والتي يمثلها شاعرنا السوري أسامة الشيخ  المهجر من مدينة ‏حماة إلى الشمال السوري في مخيمات اللجوء . ؟
‏نختصر تأثيرها بما ذكره شاعرنا في البيتين
‏الأخيرين حيث قال :

‏٧- عتمت شمسي وثارت في دمي

نار حقدي فدعتني……..  للغوى

٨- يا زمان الغدر كم لوعتني
            
في ضفاف النهر بستاني ذوى

لاحظوا تأثير الحدث الوطني العام على الحياة الاجتماعية للمهجرين
ذوت بهجة العمر فعتمت الشمس والتي هي رمز السعادة والنشوة والأمل .
ثم سرت نشوة الحقد على المسبب لهذه المأساة ..
شبه الشاعر الحقد الذي ظهر في نفوس المهجّرين  بالنار التي تسري في الدّماء.
كم ابدعت شاعرنا !!  فهنا بيت القصيد
وهنا البؤرة المتحولة للنص .
تدرجت المأساة من أسفل السُّلّم العاطفي
إلى الأعلى تدريجيا .. وكأننا نصعد  بعد تناول حبة منشط ..
فقد الهوى والحب بداية الأمر ، ثم رافقتة الدُّموع ، وفقد الرموز الفكرية بمعنى فقداان الثقة بالمسؤول ، ضياع الدّنيا التي تمثّل العيش الكريم للمواطن بمعنى فقد الوطن ، ضياع التاريخ وتشويهه ، محاولات تدمير اللّغة ، محاربة الفكر ،قتل الحلم الذي هو البقية الباقية لمن فقد كل شيء.
ما الغوى إذن ؟
إنه نار الحقد واللوعة  وإباحة كل شيء كان بالأصل غير مباح .. ونترك للشاعر أن يوضّح لنا كلمة الغوى كما قصدها .

غرقت الأماني وذبلت ، وشبهها الشاعر بالبستان الذي يذوي في ضفاف النهر .
صورة عظيمة وواقعية لما حدث ويحدث
بعد أحداث الربيع العربي . وسنطلق عليها أحداث الخريف العربي واظن أن هناك من أطلقها سابقا  . .
انعكست الظلال النّفسية على الطبيعة كما ظهر هنا  .. فالشمس عتّمت  في نظر الشاعر كدليل على مطواعيةالطبيعة ومشاركتها في الوضع العام  الذي أصبح عاما وشاملا .
واني ارى الطبيعة تعكسها نفسية الشاعر
في نظري ان هذا الوضع المزري هو رمز
فكري انساني لتبدل أحوال الوطن العربي
وشمولية الآثار السلبية في الوطن الكبير
الذي يضم الوطن الأصغر وهو وطن الشاعر
سوريا .
وما زال البعد النّفسي يلقي بظلاله ويسود
يوما فيوما ...إلى أن يلقي الشاعر بالمسؤولية على زمانه الذي نعته بالغدر   فهو مسؤول عن لوعته   فقد لازمته الأحقاد والغوى ولمسات البؤس والتعاسة .
التي استنتجناها من الصورة الشعرية الأخيرة  حيث قال :
في ضفاف النهر بستاني ذوى.

كل ما أشار الشاعر إليه دليل على الوضع 
السيء من ضياع للمبادئ  والقيم وانتشار واسع لكل التيارات الفكرية المعاصرة والطائفية المذهبية التي تؤرق المواطن العربي المسلم . وأظن هذا ما قصده الشاعر بكلمة الغوى .

توصلنا الى أن النّص  قصيدة عمودية
إنسانية وجدانية فكرية بلمحة  سياسية  .وتبدو فيها التّجربة الشّعورية مع التغييرات المعاصرة في وطن الشاعر   والوطن العربي والمجتمع الدولي  واضحة جليّة .

الخيال والعاطفة :
جاء الخيال في المقطوعة الشعرية خادما للأفكار والعواطف ومرتبطا بما يحقق للكاتب الغرض من نظرته لوضع وطني عام  لا يخفى على أحد  .
جعل الكاتب للأشياء المعنوية مظاهر وصفات الإنسان .. بمعنى لجأ للتشخيص والتجسيد والتشبيهات والمجازات والاستعارات . كما كتبت سابقا.
فالنبض  مجازا للحب المحكوم عليه بالإعداام .. والأفراح شخص يسافر  ..
الوطن كالإنسان يبكي  .. والدنيا تطير كالكرة ..
ا ...هذا الحلم ايضا شخص يُقتل

هذا الخيال جزء هام لتحقيق الهدف الرئيسى   خدمة ضرورية لتجربة الشاعر الشخصية .
التي استخدم لها ضمائر المتكلم مثل : أنا
وروحي ، وطني ، بقلبي

وهو نص قومي  عام بدليل عواطفه القومية  الشامله والدليل عليها : لغتي التاريخ .
فاللغة هي لغة العروبة ، والتاريخ هو تاريخ العرب والمسلمين .
------------
وفي الختام اوجه الشّكر الجزيل للشاعر الألق أسامة الشيخ على نصّه الوطني الوجداني ، نص من رحم الفاجعة ، ومن بطن
العروبة المنتهكة ، ومن أعماق بحار الظلم والعدوان والمؤامرات والانتهاكات  والخيانات بأيدٍ عربية تمتد في جنح الظلام
لتعين في هدم بنيان الامة العربية .

سلم اليراع اديبنا القدير وهذا الجهد المتواضع هدية لك مني خولة رمضان
ومن إدارة همسات فوق أوراق الصمت
تقديرا لحرفك وجهودك في النشر والتعليق.

ألف شكر أديبتنا الراقية همسة عتاب وأديبنا الفذ الراقي أشرف سعد لهذا التوجيه من قبلكم  .. كان معكم :  خولة رمضان
ضمن فعاليات وبرامج مجلة همسات فوق أوراق الصمت . ألف شكر أديبتنا الراقية همسة عتاب على هذا التصميم للبرنامج .
  ألف شكر لكل المتابعين والمتفاعلين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق